للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حقيقة الدنيا.]

[السُّؤَالُ]

ـ[السلام عليكم أنا شاب أبلغ من العمر ١٧ عاما وإنني أرى أن الدنيا أفضل من الاخرة عبر رؤية الله تعالى وأرى الناس في رمضان خاشعين باكين وأنا عندي شعور وتكاسل في العمل للآخرة وأركن إلى الدنيا فهلا وضحتم لي ذلك، وما هو السبيل لتحبيب النفس الآخرة وبغضها الدنيا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من بلاء هذه الدنيا الزائفة الخادعة، أن تغر المرء، وتحجبه بحجاب كثيف من الشبهات والشهوات عن رؤية الآخرة، فيتقاعس عن العمل لها، ويركن إلى الدنيا ركون الراضي بها، وما أصابك أخي هو من هذا القبيل، فأي فضل للدنيا على الآخرة، وأي مزية لها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " رواه الترمذي وصححه، وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرّ بِالسّوقِ، دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنّاسُ كَنَفَيْهِ. فَمَرّ بِجَدْيٍ أَسَكّ مَيّتٍ. فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَدَ بِأُذُنِهِ. ثُمّ قَالَ: "أَيّكُمْ يُحِبّ أَنّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ " فَقَالُوا: مَا نُحِبّ أَنّهُ لَنَا بِشَيْءٍ. وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أَتُحِبّونَ أَنّهُ لَكُمْ؟ " قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيّا، كَانَ عَيْباً فِيهِ، لأَنّهُ أَسَكّ. فَكَيْفَ وَهُوَ مَيّتٌ؟ فَقَالَ: "فَوَاللهِ لَلدّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ". فكيف يقال: إن الدنيا أفضل من الآخرة، فإن قلت إننا في الدنيا نعبد الله بالصوم وما إلى ذلك، فاعلم أن نفس أهل الجنة تسبيح، وهم يذكرون الله تعالى بالحمد والتسبيح، كما قال تعالى حاكيا عن أهل الجنة قولهم: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العاملين) [يونس:١٠] وقال (قالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) [الأعراف:٤٣] فهم في عبادة مع ما هم فيه من النعيم المقيم والرضوان العميم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ صفر ١٤٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>