للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ما رجفت إلا لحدث أحدثتموه]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو سبب زلزال تركيا الصحيح]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. فمما لا شك فيه أن الله جل وعلا يجري الأمور بمقاديروكل شيء عنده بمقدار وما من شيء يحدث ويكون له سبب من الأسباب الموجدة له إلا ويكون وراء حدوثه حكمة عظيمة، إما أن تكون تذكرة بقدرة الباري جل وعلا أو إنذارا منه سبحانه وتعالى أو عقوبة على أمر أحدثه العباد. والله تعالى له جنود السموات والأرض ولا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، قال عزوجل: ولله جنود السموات والأرض وقال تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو. وإن الزلازل من جند الله وهي من البلاء لما يكون فيها من شدة وبأس، وقد قال عمر بن عبد العزيز: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة. وقد حدثت رجفة على عهد عمر رضي الله عنه بالمدينة فقال رضي الله عنه: ما رجفت إلا لحدث أحدثتموه، إن عادت لا أساكنكم فيها. وما قال ذلك رضي الله عنه إلا لعلمه أن الله جل وعلا يرسل آياته إما عقوبة وإما نذارة، فإن لم ينتفع المنذَر بالنذارة ويرتدع المعاقب بالعقوبة فإن ذلك يدل على استفحال الشر واستشرائه. روى ابن ماجه في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: (يَامَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرَ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ. حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَاّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقَصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَاّ أخِذَوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّة الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَاّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمَطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُوِلِهِ، إِلَاّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنء غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَافِي بأَيْدِيِهمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَيَتَخَّيُروا ممَّا أَنْزَلَ اللهُ، إِلَاّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ. وهذه العقوبات المذكورة في الحديث حدثت بسبب ذنوب ارتكبها العباد وإن كانت هذه العقوبات مترتبة في الظاهر على أسباب مادية ولكنها في الحقيقة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ما اقترفته أيدي العباد، كما قال تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. هذا والله نسأل أن يحفظ المسلمين من كل مكروه وسوء أينما كانوا وأن يقيل عثرتهم في تركيا وفي غيرها. والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ صفر ١٤٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>