للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الإيمان بالقدر لا يعني أن الإنسان مجبر على أفعاله]

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي سؤال أرجو توضيحه: أنا كمسلمة مؤمنة إيمانا قويا بالقضاء والقدر، ومؤمنة بالجنة والنار، وأعرف أن كل واحد في الآخرة يجزى بما كسب: إن خيرا كوفئ بالجنة، وإن شرا كانت عاقبته النار، ولكن أليس مكتوبا في القرآن أن كل شيء مكتوب على الإنسان يوجد في اللوح المحفوظ، وأنه شقي أوسعيد، ومن يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له؟ فإذا كان الشخص مكتوبا عليه قبل ولادته أن يدخل النار، فلماذا يعاقب على أعماله؟ وإذا كنت قد فهمت هذا الموضوع فهما غير صحيح فالرجاء أن توضحوه لي.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإيمان بالقضاء والقدر لا يعني أن الإنسان مجبرعلى أفعاله، كالريشة في مهب الريح، وإنما العبد له قدرة ومشيئة واختيار وكسب، وقد دل على ذلك الشرع والواقع، أما الشرع، فإن الله تعالى أثبت للعبد إرادة ومشيئة وأضاف العمل إليه، قال الله تعالى: مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ {آل عمران: ١٥٢} . وقال: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا {الكهف: ٢٩} . وقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {فصلت: ٤٦} .

وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم الفرق بين أفعاله الاختيارية التي يفعلها بإرادته كالأكل والشرب والبيع والشراء، وبين ما يقع عليه بغير إرادته كالارتعاش من الحمى، والسقوط من السطح، فهو في الأول فاعل مختار بإرادته من غير جبر، وفي الثاني غير مختار ولا مريد لما وقع عليه. شرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين.

فإذا ثبت أن الإنسان له إرادة وله مشيئة وله اختيار وله كسب، وليس مجبرا على أفعاله، فحسابه يكون على ما يدخل تحت اختياره ومشيئته، وراجعي لمزيد الإيضاح والفائدة الفتوى رقم: ٣٨٣٥٦، وما أحيل عليه فيها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٢ ذو القعدة ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>