للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم العمل في المحاكم الوضعية والانتفاع من راواتبها]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد طالعت عدة فتاوى حول النفقة وأريد الاستفسار حول وضعيتي أنا طالب بالجامعة بقي لي إن شاء الله عام ونصف حتى أحصل على الشهادة، آخذ مصاريف الدراسة والكراء والأكل من والدي ليس لدي مصدر آخر ووالدي يعمل في محكمة الاستئناف ليس بقاض لكن أعمال إدارية كتوزيع القضايا على الكتبة (جمع كاتب) وعلى المحاكم وهكذا وهنا الحكم بغير ما أنزل الله لا أقول كله لكن كثير منه كالحدود مثلا لا تقام، ما أردت الاستفسار عنه هو: هل إذا كان أبي مضطرا للعمل في مثل هذا هل يجوز له، هل يكفر من حكم بغير ما أنزل الله ولو اعتقد أن الحكم بما أنزل الله واجب وخير من غيره، من رأى الضرورة لهذا العمل هل يكفر، هل آخذ النفقة من عند الكافر موالاة له، هل يجوز الأخذ من عند والدي على أساس أن أقترض منه لكن دون أن أخبره، أخيراً ماذا تنصحوني وماذا عن الفتوى رقم ٥٣٨٤٠ وجدت فيها \"وأما إن كان ينفق عليك من مال قد اختلط فيه الحلال بالحرام فلا حرج في قبول نفقته في حدود ما في ماله من الحلال\"؟ جزاكم الله عنا خيراً كثيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز العمل في المحاكم الوضعية التي تحكم بغير ما أنزل الله، والأجرة المأخوذة على ذلك حرام، لما في ذلك من المعاونة لتلك المحاكم على باطلها، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:٢} .

وعليه؛ فلا يجوز لأبيك أن يعمل في تلك المحاكم إلا أن يكون مضطراً إلى هذا العمل بحيث إذا تركه لم يجد ما يسد ضرورياته من المأكل والمشرب ونحو ذلك له ولمن يعول، فإن كان مضطراً على هذا النحو فلا حرج -حينئذ- في بقائه في هذا العمل حتى يجد عملاً آخر تندفع به ضرورته، ولا حرج عليك في أكلك من دخله، ما دمت عاجزاً عن عمل تستغني به أو عاجزاً عن الجمع بين العمل والدراسة، بشرط أن تكون هذه الدراسة في نفسها مباحة، وفيها نفع للمسلمين، ولمعرفة حكم من حكم بغير ما أنزل الله، راجع الفتوى رقم: ٣٥١٣٠.

وليس في أخذ المسلم من الكافر نفقة أو أجرة مقابل عمل قام به، موالاة لهذا الكافر، وراجع الفتوى رقم: ١٣٦٧.

ولا يلزمك -مع الاضطرار- أن تنوي الاقتراض من كسب أبيك سواء أخبرته بذلك أم لم تخبره، وإن نويت ذلك فلا بأس، لكن ننبه إلى أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجوز الانتفاع من دخل أبيك من هذا العمل إلا بمقدار ما تندفع به الضرورة فقط، وما بقي فإنه يصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: ١٧٦٠٥.

ولا يشمل حالتك ما جاء في الفتوى المشار إليها لأنها فيمن اختلط ماله الحلال بالحرام، أما كسب أبيك من هذه المحكمة فهو محرم، كما تقدم.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ صفر ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>