للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم الله يجب تطبيقه ولو كان يعيش مع المسلمين أقلية من غيرهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحيح أن الحدود الشرعية لا يمكن تطبيقها في دولة متعددة الأديان حتى وإن كان الحكم بيد المسلمين وحتى إن كانت الأغلبية من المسلمين بنسبة ٨٥ بالمئه. لقد أفتى العلماء هنالك بما ذكرت آنفاً أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الواجب على ولي أمر المسلمين - سواء كانوا قلة أم كانوا كثرة - أن يقيم حدود الله تعالى فيهم، ولا يجوز له تعطليها - ولو كانوا قلة - بحجة أن تطبيقها يؤدي إلى مفسدة أعظم، لأن الذي وضع الحدود وخلق العباد هو الله، وهو أعلم بما يصلحهم (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك:١٤] ، وهو أرحم بهم من أن يكلفهم بما لا يمكن، وهل هناك مفسدة أعظم من سفك الدماء المتزايدة يوما بعد يوم والاعتداء على الأعراض واختلاط الأنساب وإفساد العقول التي هي ميزة الإنسان وخصوصيته التي فضله الله بها على ما سواه من المخلوقات. ولا شك أن تعطيل حدود الله تعالى يزيد في معدل الجريمة ويهون أمرها كما يحصل اليوم في ظل تعطيل حدود الله، والاستعاضة عنها بقوانين وضعية لا تقوم على أي أساس من الحق ولا من العدل، ومما يجدر التنبه له أن تطبيق هذه الحدود، أو أكثرها مقصور على من يعيشون تحت ظل الدولة من المسلمين، أما من يعيشون تحت ظلها من غير المسلمين فلا تطبق عليهم هذه الحدود إلا فيما إذا ترافعوا فيما يجرى بينهم إلى محاكم المسلمين، فلها أن تحكم بينهم ولها أن تعرض عنهم وإذا حكمت بينهم فلتحكم بالقسط.

ولم تخل دولة الإسلام خلال حكمها لشؤون المسلمين ثلاثة عشر قرناً من طوائف من غير المسلمين يعيشون تحت حكمها محفوظة حقوقهم محقونة دماؤهم، أحرار في عباداتهم وفق ضوابط لا يتسع المجال لذكرها، وهي مبسوطة في كتب الفقه، بل إنها قد صنفت فيها كتب تخصها، منها ما يحمل هذا العنوان (أحكام أهل الذمة) . والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٧ ذو القعدة ١٤٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>