للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الترغيب في الصلاة، وغض البصر]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو تزويدي بأحاديث وآيات ومواعظ في الترغيب في الصلاة والترهيب من تركها وفي عدم النظر إلى المحرمات]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الصلاة من أعظم شعائر الإسلام وأجلِّ العبادات، فهي عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة. أخرجه مسلم. وقد أمر الله جل وعلا بالمحافظة عليها، فقال: [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ] (البقرة:٢٣٨) . وقال: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ] (البينة:٥) .

وقال صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن، كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. رواه النسائي وأبو داود. وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. وهي من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عند مفارقة الدنيا في قوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم. رواه النسائي والبيهقي وأحمد، فعلى كل من يتهاون في شأن الصلاة أن يتقي الله في نفسه ولا يعرضها لعقاب الله، وليعلم أن الله فرض عليه هذه الفريضة وأنه سيحاسبه عليها إذا فرط فيها، وقد اتفق علماء الإسلام على كفر تاركها جحودا لها، واختلفوا فيمن تركها تكاسلا، فبعضهم يقول: إنه كافر، والبعض يفسقه ويحكم بقتله -والعياذ بالله-، حسب اختلافهم في ذلك، وللمزيد من الفائدة في هذا الموضوع يرجى مراجعة الفتوى رقم: ٤٣٠٧.

وأما النظر إلى المحرمات، فإن الله تعالى أمر المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم عن النظر إلى ما لا يحل لهم النظر إليه، فقال في كتابه العزيز في سورة النور: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ] (النور: ٣٠-٣١) .

فيجب على المسلم أن يمتثل أمر الله في هذه الآية ويغض بصره عما لا يحل له النظر إليه، قال القرطبي عند تفسير هذه الآية الكريمة: النظر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، وغضه واجب عن كل المحرمات وعن كل ما تخشى منه الفتنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي: لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الثانية. رواه أحمد.

قال ابن القيم في كتابه "الداء والدواء ": فأما اللحظات فهي رائد الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج، فمن أطلق بصره فقد أورد نفسه موارد المهلكات، إلى أن قال: وفي هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده، ومن منافع غض البصر أنه امتثال لأمر الله تعالى، ثانيا: أنه يورث القلب أنسا بالله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده عن الله، ومن آفات إطلاق البصر أنه يورث الحسرات، فيرى من يرسل بصره ما ليس قادرا عليه، ولا يستطيع أن يصبر عنه، وهذا من أعظم العذاب.

قال الشاعر في هذا المعنى وأحسن:

وكنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ صفر ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>