للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الشعور بضعف المراقبة أحيانا لا يخلو منه أحد]

[السُّؤَالُ]

ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحس أني منافق أو مراءٍ، بعض الأحيان أكون ملتزماً وبعدها أكون حاجة غريبة؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد سبق تقسيم النفاق في الجواب رقم: ١٨٥٤ إلى قسمين، وبالرجوع إلى ذلك التقسيم وحصر النفاق فيه يتبين للسائل أن النفاق أمر وجودي: إما عقدي، وإما عملي، وليس مجرد إحساس أو وساوس.

وعليه، فإذا كان السائل متلبساً بأحد النوعين المذكورين في السؤال - لا قدر الله - فليبادر بالتوبة منه إلى الله عز وجل، وقد ذكرنا علاج من ابتلي بصفة من صفات المنافقين في الجواب رقم: ٥٨١٥

أما إذا كان ما يشعر به السائل هو مجرد شعور بضعف في المراقبة، أو نقص في كمال التوجه إلى الله تعالى، فهذا أمر لا يسلم منه أحد، وقد اشتكى منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما شعروا به، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة؟ قلت نافق حنظلة! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا تَقُولُ. قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا ذَاكَ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّات" ٍ. معناه لا يكون الرجل منافقاً إذا يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور.

أما الرياء فهو طلب المنزلة في قلوب الناس بإراءاتهم خصال الخير، وهو من الشرك، ففي مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف من أخاف عليكم الشرك الأصغر". قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء ... " الحديث.

لذا فيجب على من اتصف به أن يتوب إلى الله تعالى منه، وأن يخلص في عبادته لله عز وجل، فهو وحده الذي يجزي على العبادة، ويرحم بها، ففي الحديث المتقدم يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة - يعني المراءين - إذا جزى الناس بأعمالهم: "اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟! ".

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٤ محرم ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>