للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[علاقة المسلم بربه وأسرته]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي علاقتي بربي؟ وما هي علاقتي بأسرتي؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعلاقة المسلم بربه هي علاقة الحب له وإجلاله سبحانه، وتوحيده وإفراده بجميع أنواع العبادات القلبية كالخوف والرجاء، والمالية كالصدقة والزكاة، والبدنية كالصلاة والحج.

والإيمان بأنه لا إله غيره، والإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وبأنه وحده هو الرب الذي خلق ورزق وأنعم، لا شريك له في شيء من ذلك، وأن يطيع المسلم ربه ويؤدي ما افترضه عليه، وينتهي عما نهاه عنه، ويجمع هذا كله قوله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. {الذريات:٥٦} . وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. {التغابن:١٦} .

وثبت في الصحيحين من حديث مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ فَقَالَ: يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا.

وراجع الفتويين رقم: ١٧٥٤٣، ٦٩٤٨١. فقد ذكرنا في الأولى: عبادة الله تعالى ... غايتها ... وفوائدها، وفي الثانية: حكمة الخلق والابتلاء والتكليف.

وأما العلاقة بالأسرة: فللوالدين حق الإحسان إليهما، والبر بهما، وإكرامهما، ورعايتهما، وحبهما، والاعتراف بفضلهما عليك، ولا يستطيع أحد أن يكافئ والديه مهما فعل، ولعظم حقهما ذكره الله مقرونا مع حقه فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى. {النساء: ٣٦} . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً. {الاسراء:٢٣} .

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ.

ومن الأدب في العلاقة مع الوالدين ما ذكره عُروةَ، أن أبا هريرة أبصَرَ رجلين، فقال لأحدهما: ما هذا منكَ؟ فقال: أبي، فقال: لا تُسمِّهِ باسمهِ، ولا تمشِ أمامَه، ولا تجلِسْ قبلَه. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.

وللولد حق أيضا على أبويه، فمن حقِّ الولدِ على والده: أن يُؤدِّبَه، ويُعَلِّمَه، ويَنصحَ له، وأن يُحسِن إليه، ويَعطف عليه، وأن يعدل بين الأولادِ في العطيَّةِ والهِبَةِ، ولا يُفرِّق بينهم في عطاء.

وبقية أفراد أسرتك كالأخوة والأخوات لهم حق المحبة والإحسان إليهم، وأن تحب لهم ما تحب لنفسك، وأن تدفع عنهم الأذى، وأن تساعدهم بقدر ما تستطيع، والسؤال يحتاج إلى مساحة أكبر من التفصيل ليس هذا موضعها فراجع في ذلك: دائرة معارف الأسرة المسلمة للباحث: علي بن نايف الشحود. وفي هذا الرابط نسخة الكترونية من الكتاب المذكور:

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=٦&book=٥٢٤٣

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٩ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>