للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تهافت الزعم بأن خالد بن الوليد تزوج امرأة مالك بن نويرة ليلة قتله]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل صحيح أن خالد بن الوليد رضي الله عنه دخل علي زوجة أحد کبار الکفار عندما قتل زوجها في الحرب، ونحن نقول أنه إذا مات زوج المرأة لا يدخل عليها إلا بعد ٣ أو ٦ أشهر؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أولًا: المقصود بأحد كبار الكفار في السؤال هو مالك بن نويرة، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: ٦٩٧٢٩ سبب قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة.

ثانيًا: إن المسبية في الحرب عدتها ليست كعدة الحرة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها، بل عدة المسبية هي أن تحيض حيضة واحدة ليعلم براءة الرحم، لقوله صلى الله عليه وسلم: فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. رواه أبوداود والدارمي، وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص وصححه الألباني.

ثالثًا: إن القول بأن خالدا رضي الله عنه قتل مالك بن نويرة، ثم تزوج امرأته في تلك الليلة، هو قول باطل لا يستند على رواية صحيحة، ولا يستحق أن يضيع عليه شيء من مداد الحق، ويكفي في بيان تفاهة القول أننا نسأل كل إنسان يريد الإنصاف والعدل، فنقول له: من أين عرفت أن خالد بن الوليد دخل على امرأة مالك بن نويرة في نفس الليلة التي قتل فيها زوجها؟ هل تستطيع أن تأتي بإسناد واحد صحيح يدل على زعمك؟

فلا توجد رواية صحيحة تثبت أن خالد بن الوليد رضي الله عنه دخل بزوجة مالك بن نويرة ليلة مقتله وقبل استبرائها، والقصة التي ذكرت وفيها إشارة إلى هذه الشبهة في بعض كتب التواريخ كتاريخ الطبري، فإسنادها لا يثبت، ففيه محمد بن حميد الرازي، ضعيف، وكذبه عدد من العلماء، وفيه سلمة بن الفضل الأبرش، صدوق كثير الخطأ، وفيه محمد بن إسحاق صدوق مدلس ولم يصرح بالسماع، فالإسناد ضعيف جدا.

وقال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة في رده على ابن المطهر الذي ذكر الشبهة التي في السؤال: وأما ما ذكر من تزوجه بامرأته ليلة قتله، فهذا مما لم يعرف ثبوته. اهـ

وقال الشيخ عثمان الخميس: وأما قولهم إن خالد بن الوليد بعد أن قتل مالك بن نويرة دخل على زوجته في نفس الليلة فهذا كذب، فبعد أن قتل خالد بن الوليد من قتل وسبى منهم، استخلص زوجته لنفسه وهي من السبي، ولكن أن يكون قد دخل عليها من أول ليلة أو أنه قتله من أجل زوجته فهذا كله كذب. اهـ. حقبة من التاريخ. وللاستزادة راجع كتاب: الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال للشيخ/ إبرهيم بن عامر الرحيلي.

رابعًا: فإننا نقول إن عدالة الصحابة رضي الله عنهم هي مما اتفق عليه أئمة الإسلام ونقاد الحديث من أهل السنة والجماعة، ولا يعرف من طعن فيهم وشكك في عدالتهم إلَاّ الشذاذ من أصحاب الأهواء والفرق الضالة المنحرفة ممن لا يلتفت إلى أقوالهم، ولا يعتد بها في خلاف ولا وفاق، وقد فصلنا هذا في الفتويين رقم: ٤٧٥٣٣، ٥٦٦٨٤. فراجعهما.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ جمادي الأولى ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>