للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[السلامة بالإمساك عما شجر بين الصحابة]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو من الدكتور عبد الله الفقيه أن يجيبني بتفصيل عن ما اصطلح على تسميته بالفتنة الكبرى، وهل يمكن اعتبار والي الشام آنذاك معاوية بن أبي سفيان عندما رفض أمر عزله من طرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد عصى ولي الأمر، وأرجو منكم فضيلة الدكتور أن تجيبني بتوضيح لأن هذا الأمر قد اختلط علينا الأمر فيه؟ فجزاكم الله عنا خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم يثبت لدينا -بعد البحث- أن علياً رضي الله تعالى عنه عزل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وامتنع معاوية.

هذا ونوصيك -إن أردت السلامة في دينك- بالإمساك عما شجر بين الصحابة، والاشتغال بإشاعة فضائلهم وإذاعة مناقبهم في العالمين، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: اعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد -يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم، وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية، ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق، ومخالفه يأثم، فوجب عليه قتاله ليرجع إلى الله، وكان بعضهم مصيباً وبعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ، لأنه اجتهاد، والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه. انتهى.

وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: لا يجوز أن يُنسب إلى أحد من الصحابة خطأ مقطوع به، إذ كانوا كلهم اجتهدوا فيما فعلوه، وأرادوا الله عز وجل، وهم كلهم لنا أئمة، وقد تعبدنا بالكف عما شجر بينهم، وألا نذكرهم إلا بأحسن الذكر، لحرمة الصحبة، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سبهم، وأن الله غفر لهم، وأخبر بالرضا عنهم. انتهى، وانظر حكم الطعن في الصحابة والازدراء بهم وتتبع سقطاتهم، وبيان أن عدالتهم محل إجماع في الفتوى رقم: ٥٦٦٨٤، والفتوى رقم: ٤٧٥٣٣.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٣ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>