للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من أفطر في قضاء رمضان هل يلزمه قضاء القضاء]

[السُّؤَالُ]

ـ[عندما أفطرت في رمضان بسبب الحيض لم أترك يوما إلا وقضيته، لكن هناك بعض أيام القضاء أفطرت فيها بسبب التعب الشديد، والبعض الآخر كنت قادرة على المتابعة.

والآن فقط بعد ٥رمضانات عرفت أن إفطار يوم القضاء يجب صومه- وفي هذه السنة لا أذكر كم عددها- ماذا علي علما بأنني أحس بالندم أولا لأنني أفطرت في أيام القضاء، والشئ الآخر لأنني لم أتفقه جيدا في الدين؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالفطرُ في أيام القضاء بلا عذرٍ محرمٌ لقوله تعالى: يا أيها اللذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم. {محمد:٣٣} وانظري الفتوى رقم: ١٢٩٢٥.

والواجبُ عليكِ الآن أن تحسبي هذه الأيام التي أفطرتها ثم تقضيها لأنها دينٌ في ذمتك لا تبرأين إلا بأدائها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحقُ أن يُقضى. متفقٌ عليه.

فإن عجزتِ عن معرفة عدد هذه الأيام بيقين فاجتهدي في التحري ثم اقضي ما يحصلُ لكِ به اليقين، أو غلبة الظن ببراءة الذمة، وعليكِ مع قضاء هذه الأيام إطعام مسكينٍ عن كل يوم أخرتِ قضاءه في قول الجمهور، لفتوى أبي هريرة وابن عباس بذلك ولا يُعلَم لهما مخالفٌ من الصحابة، هذا إذا كان المقصود أنك لم تعيدي صيام أيام القضاء التي أفطرتها، وأما إذا كان المقصود السؤال عن قضاء القضاء، فالجواب: أنه لا يلزمكِ عند الجمهور قضاء الأيام التي أفطرتها في أيام القضاء، بل يلزمكِ قضاء أيام رمضان فقط، لأنه ما زال ديناً في ذمتك، وأما أيام القضاء فلا يلزمك قضاؤها، وإن أثمتِ بالفطر فيها.

قال ابن قدامة: وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ، كَقَضَاءِ رَمَضَان, أَوْ نَذْرٍ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ. انتهى.

وقال الشيخ العثيمين: وهذه المرأة التي شرعت في القضاء ثم أفطرت في يوم من الأيام بلا عذر، وقضت ذلك اليوم، ليس عليها شيء بعد ذلك، لأن القضاء إنما يكون يوماً بيوم، ولكن عليها أن تتوب وتستغفر الله عز وجل لما وقع منها من قطع الصوم الواجب بلا عذر. انتهى.

وقال ابن حزمٍ في المحلى: ومن أفطر عامدا في قضاء رمضان فليس عليه إلا قضاء يوم واحد فقط، لأن إيجاب القضاء إيجاب شرع لم يأذن به الله تعالى. وقد صح أنه عليه السلام قضى ذلك اليوم من رمضان فلا يجوز أن يزاد عليه غيره بغير نص ولا إجماع. انتهى.

وكما لا يلزمك قضاء يوم القضاء، فكذلك لا فدية عليك بالفطر فيه.

قال ابن رشد: واتفق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة، لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني: رمضان. انتهى.

وعليكِ أن تجتهدي في تعلم أحكام الدين، والحرص على التفقه فيه لئلا تقعي في مثل هذه المخالفات. نسأل الله أن يوفقنا وإياكِ لما يحبُ ويرضى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ ربيع الثاني ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>