للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم الاحتفال برمضان بتعليق الأنوار على المساجد]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما حكم الاحتفال برمضان بتعليق الأنوار والزينات على واجهات المساجد؟ وهل في تعليق الفانوس ابتداع؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا نرى مشروعية الاحتفال بقدوم رمضان بتعليق الأنوار والزينة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما نعلم - ولا عن صحابته الكرام أنهم كانوا يحتفلون بقدوم رمضان بتلك الطريقة، وكل الخير في اتباع من سلف، وكل الشر في ابتداع من خلف، وكثير من البدع تنشأ في أولها من أمور مباحة ثم ما تلبث أن تصير دينا يتعبد الناس به، والوارد عنه صلى الله عليه وسلم أنه بشر أصحابه بقدوم رمضان فقال: أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ... رواه النسائي وصححه الألباني. وقد نص كثير من الفقهاء السابقين على عدم مشروعية تعليق القناديل في ليال من السنة لما في ذلك من الإسراف وغيره من المفاسد. قال النووي في المجموع:

من البدع المنكرة ما يفعل في كثير من البلدان من إيقاد القناديل الكثيرة العظيمة السرف في ليال معروفة من السنة كليلة نصف شعبان فيحصل بسبب ذلك مفاسد كثيرة؛ منها: مضاهاة المجوس في الاعتناء بالنار، والإكثار منها، ومنها: إضاعة المال في غير وجهه، ومنها: ما يترتب على ذلك في كثير من المساجد من اجتماع الصبيان وأهل البطالة ولعبهم ورفع أصواتهم وامتهانهم المساجد وانتهاك حرمتها وحصول أوساخ فيها وغير ذلك من المفاسد التى يجب صيانة المسجد من أفرادها.... انتهى.

ومثله في مطالب أولي النهى - من كتب الحنابلة - حيث جاء فيه: وَسُنَّ ضَوْءُ قَنَادِيلِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فَقَطْ.... وَكَثْرَةُ إيقَادِهَا زِيَادَةً عَلَى الْحَاجَةِ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْهَا - أَيْ: الْحَاجَةِ - كمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ، أَوْ لَيْلَة خَتْمٍ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي التَّرَاوِيحِ، أَوْ لَيْلَةِ الْمُشْتَهِرَةِ بِالرَّغَائِبِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ فِي رَجَبٍ مِنْ مَالِ وَقْف، ضَمِنَ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، لِخُلُوِّهِ عَنْ نَفْعِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيُؤَدِّي عَادَةً لِكَثْرَةِ لَغَطٍ وَلَهْوٍ وَشُغْلِ قُلُوبِ الْمُصَلِّينَ. . .. انتهى.

ولا شك أن الاحتفال المذكور والتزيين فيه كثير من تلك المفاسد التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله، ولذا فإننا نرى عدم مشروعية الاحتفال بقدوم رمضان بتزيين المساجد وتعليق الأنوار فيها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ رمضان ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>