للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سبب نزول سورة الشورى]

[السُّؤَالُ]

ـ[أرجو أن تشرحوا لي سبب نزول سورة الشورى وجزاكم الله خيرا]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ورد في سبب نزول أول سورة الشورى وهو قوله تعالى: حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الشورى:١-٣] . ورد أثر عن حذيفة بن اليمان رواه الطبري في تفسيره بإسناده عن أرطأة بن المنذر قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له -وعنده حذيفة بن اليمان-: أخبرني عن تفسير قول الله تعالى: حم * عسق قال: فأطرق ثم أعرض عنه، ثم كرر الثالثة فلم يجبه شيئا، فقال له حذيفة: أنا أنبئك بها، قد عرفت لم كرهها، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له: عبد الإله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق تبنى عليه مدينتان، يشق النهر بينهما، فأصبحت سوداء مظلمة، قد احترقت كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها وبهم جميعا، وذلك قول الله تعالى: حم * عسق، يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء، حم عين يعني عدلا منه، سين يعني سيكون، وقاف، يعني واقع بهاتين المدينتين. انتهى.

وهذا الأثر على فرض ثبوته عن حذيفة -وهذا بعيد- فلا يصلح سببا لنزول الآيتين، لأنه تفسير، وقد اختلف العلماء اختلافا كثيرا في تفسير الحروف المقطعة التي في أوائل السور، والأصح السكوت عنها وتفويض علم تأويلها إلى الله تعالى.

ومما يؤيد عدم صحة هذا القول عن حذيفة رضي الله عنه سكوت ابن عباس وإمساكه عن تفسيرها، وحاشا لحبر الأمة وترجمان القرآن أن يمتنع عما يعلمه من كتاب الله اتباعا لهواه، ومحاباة لقريبه الذي نزلت فيه الآيات.

ولم نقف على حديث صحيح في سبب نزول هذه الآيات، ناهيك عن سبب نزول السورة جميعا، والظاهر أنها نزلت ابتداء لبيان ما نزلت به من العقائد والأحكام.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ذو القعدة ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>