للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل كلم الله تعالى ذا القرنين]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل كلم الله سبحانه وتعالى ذا القرنين؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فذو القرنين اختلفت أقوال أهل العلم فيه: هل هو نبي أم لا؟

وقد ذكر العلماء في هذا أقوالا كثيرة، أرجحها أنه كان عبدا موحدا مطيعا لله، كما هو ظاهر في سياق قصته في سورة الكهف، والتوقف في شأن نبوته، فلا نقول كان نبيا أو لم يكن، بل نقول: الله أعلم، ويدل على هذا ما رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في سننه الكبرى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أَدْرِي ذا الْقَرْنَيْنِ أَنَبِيًّا كَانَ أَمْ لَا. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا أدري، فكيف لنا نحن أن نجزم بذلك؟!

وقد بينا الخلاف في نبوته وما قيل في ذلك في فتاوى سابقة، هذه أرقامها: ٧١٧٣٨، ٧٤٤٨.

وأما هل كلمه الله أم لا؟ فنقول: الله أعلم، لأنه على القول بنبوته فليس كل نبي كلمه الله، بل الوحي يكون على صور شتى، وظاهر القرآن يحتمل أن الله تعالى كلمه، فقد قال سبحانه: قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً. {الكهف: الآية٨٦} .

قال الرازي في تفسيره عند حكايته أدلة نبوته، وهو ممن اختار أنه نبي: قوله تعالى: قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ. يدل على أنه تعالى تكلم معه من غير واسطة، وذلك يدل على أنه كان نبياً وحمل هذا اللفظ على أن المراد أنه خاطبه على ألسنة بعض الأنبياء فهو عدول عن الظاهر. انتهى.

وقال الألوسي في روح المعاني: واستدل بالآية من قال بنبوته والقول عند بعضهم بواسطة ملك وعند آخرين كفاحا، ومن لم يقل بنبوته قال: كان الخطاب بواسطة نبي في ذلك العصر أو كان ذلك إلهاما لا وحيا بعد أن كان ذلك التخيير موافقا لشريعة ذلك النبي. اهـ

وأما على القول بعدم نبوته أو التوقف في المسألة، فلا يثبت كلام الله له من وجه صحيح، وعلى هذا فيكون معنى الآية كما سبق في كلام الألوسي.

وقال ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل: يحتمل أن يكون بإلهام فلا يكون فيه دليل على نبوته. اهـ

وقال الشيخ ابن سعدي: إما أن القائل له نبي من أنبياء الله أو أحد العلماء، أو أن المعنى أنه بسبب قدرته كان مخيَّرا قدرا، وإلا فمن المعلوم أن الشرع لا يسوِّي بين الأمرين المتفاوتين في الإحسان والإساءة. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>