للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير قوله تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك..)]

[السُّؤَالُ]

ـ[تفسير الآية ٩٤ من سورة يونس؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالآية التي أشرت إليها هي قوله تعالى: فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ {يونس:٩٤} .

اختلف المفسرون في الخطاب في هذه الآية فقيل موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى حينئذ: إذا كنت في شك مما نزل عليك من الوحي فاسأل أهل الكتاب المنصفين وعلماءهم الراسخين ليزيلوا عنك هذا الشك ويقروا لك بصدق ما أخبرت به ومواقفته لما معهم.

وقيل الخطاب موجه للمشركين عبدة الأوثان فيكون المعنى حينئذ قل يا محمد لهؤلاء المشركين إذا كنتم في شك من هذا القرآن فاسألوا الراسخين في العلم من أهل الكتاب أمثال عبد الله بن سلام فسيخبرونكم بصدقه لأن عبدة الأوثان كانوا يقرون لأهل الكتاب بأنهم أعلم منهم لوجود الكتب السماوية عندهم.

قال الإمام القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ.. الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، أي لست في شك ولكن غيرك شك. قال أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد: سمعت الإمامين ثعلباً والمبرد يقولان: معنى فإن كنت في شك أي قل يا محمد للكافر فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك. فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك أي يا عابد الوثن إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود، يعني عبد الله بن سلام وأمثاله، لأن عبدة الأوثان كانوا يقرون لليهود أنهم أعلم منهم من أجل أنهم أصحاب كتاب، فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يسألوا من يقرون بأنهم أعلم منهم، هل يبعث الله برسول من بعد موسى، وقال القتبي: هذا خطاب لمن كان لا يقطع بتكذيب محمد ولا بتصديقه صلى الله عليه وسلم بل كان في شك. وقيل: المراد بالخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره، والمعنى: لو كنت يلحقك الشك فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك. وقيل: الشك ضيق الصدر، أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر، واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صبر الأنبياء من قبلك على أذى قومهم وكيف عاقبة أمرهم.. والشك في اللغة أصله الضيق. يقال: شك الثوب أي ضمه بخلال حتى يصير كالوعاء، وكذلك السفرة تمد علائقها حتى تنقبض، فالشك يقبض الصدر ويضمه حتى يضيق، وقال الحسين بن الفضل أو بكر الفاء مع حروف الشرط لا توجب الفعل ولا تثبته، والدليل على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لما نزلت هذه الآية: والله لا أشك -ثم استأنف الكلام فقال- لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي الشاكين المرتابين. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ جمادي الثانية ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>