للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير قوله تعالى (قال له صاحبه وهو يحاوره)]

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي بعض الأسئلة حول تفسير بعض آيات سورة الكهف، ماذا أفاد الإطناب بكلمة "وهو يحاوره" بعد "قال له صاحبه"؟ فمن المفهوم أن القول يعنى الحوار؟

في الآيات ٣٤ و ٣٧، دعا الصاحب المؤمن على صاحبه الكافر بعد دعائه لنفسه بقوله "ويرسل عليها حسبانا من السماء" وقوله " أو يصبح ماءوها غوراً" بدلاً من الدعاء له بالهداية فى الآيات ٤٠-٤١، فماذا نتعلم من هذا هل يجوز الدعاء بزوال النعمة عن العاصي بنية أن هذه النعمة سبب فتنته؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن القول والحوار ليسا مترادفين فالحوار يعني مراجعة الكلام بين المتحاورين، وجملة وهو يحاوره حال من الضمير في قال له صاحبه فمعنى يحاوره: يراجعه الكلام، من حار يحور: إذا رجع فكان الأخ الفاجر يحاور أخاه ويراجعه افتخاراً عليه وتقبيحاً لحاله بالنسبة إليه، والمسلم يحاوره بالوعظ وتقبيح الركون إلى الدنيا، كذا قال البقاعي في نظم الدرر.

وقال ابن عاشور في تفسيره: وجملة وهو يحاوره حال من ضمير قال. والمحاورة: مراجعة الكلام بين متكلمين ... دل فعل المحاورة على أن صاحبه قد وعظه في الإيمان والعمل الصالح، فراجعه الكلام بالفخر عليه والتطاول شأن أهل الغطرسة والنقائض أن يعدلوا عن المجادلة بالتي هي أحسن إلى إظهار العظمة والكبرياء. انتهى.

وقال أبو السعود في تفسيره عند تفسير قوله (وهو يحاوره) في الآية الثانية: وهو يحاوره جملة حالية.. فائدتها التنبيه من أول الأمر على أن ما يتلوه كلام معتنى بشأنه مسوق للمحاورة. انتهى.

وأما الدعاء بزوال النعمة عمن يستعين بها على المعاصي فهو مشروع كما يدل له قوله تعالى في دعاء نبي الله موسى على فرعون: وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ {يونس:٨٨} ، والأولى لمن لا يعلم الغيب ومستقبل الناس أن يدعو لهم بالهدى أولاً فإن ظهر إصرارهم على الغي فيشرع الدعاء عليهم، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٦٤٧٧٩، ٢٠٣٢٢، ٧٤٩٥٢.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١١ صفر ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>