للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ضوابط جواز المعاقبة بالمثل]

[السُّؤَالُ]

ـ[مبدأ معروف في الإسلام وهو المعاملة بالمثل أي مثلا التمثيل بالكفار حرام لكن إذا مثلوا بجثث المسلمين نمثل نحن أيضا على أساس مبدأ المعاملة بالمثل وينظر في ذلك إلى المصلحة لكن إذا اغتصبوا نساءنا لا نستطيع فعل فعلهم على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، فما هو الضابط في مبدأ المعاملة بالمثل ولماذا فرقنا بين التمثيل والاغتصاب، أريد قاعدة عامة يمكن تطبيقها على مختلف الحالات بحيث يمكن التمييز بين ما يمكن استخدام هذا المبدأ فيه وما لا يمكن لأنه يمكن لبعضهم التوسع في هذه القاعدة ويغتصب نساءهم مثلا على هذا الأساس ومحتجا بهذا المبدأ فما هو الرد؟؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلعل الصواب أن يقال: إن مبدأ الإسلام الصحيح هو جواز المعاقبة بالمثل ما لم تكن حراما في ديننا، فقد قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {البقرة:١٩٤} . وقال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {النحل:١٢٦} ، وقال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:٤٠} .

قال أهل التفسير: هذه الآيات فيمن أصيب بظلامة لا ينال من ظالمه إذا تمكن منه إلا مثل ظلامته لا يتعداها إلى غيرها.

ولهذا فيقتل القاتل قصاصا بما قتل به، ولذلك جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين كما فعل بجارية قتلها، وقال العلامة خليل المالكي في المختصر: وقتل بما قتل، ولو نارا؛ إلا بخمر، أو لواط وسحر ...

أما إذا كان المعتدي قتل بالمحرم شرعا فلا يجوز قتله بما حرم الله، وهو ما تشير إليه الآيات المذكورة بعد التعقيب على جواز المعاقبة بالمثل؛ كما في قوله تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ. وفي قوله تعالى: إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. فالاغتصاب مما نهى عنه الشرع ويتنافى مع التقوى.

ومن هذا يتضح أن المعاملة بالمثل جائزة ما لم تكن حراما في ديننا، فإذا كانت حراما كالاغتصاب واللواط والسحر ... فإنها لا تجوز شرعا.

وللمزيد انظر الفتويين رقم: ١٦٧٠٩، ١٩٣٦.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٨ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>