للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير (قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون)]

[السُّؤَالُ]

ـ[آية في المصحف وهي \\\"قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ \\\" من سورة سبأ. وتفسيرها كما ورد عن القرطبي لَا تُسْأَلُونَ أَنْتُمْ عَمَّا أَجْرَمْنَا نَحْنُ مِنْ جُرْم , وَرَكِبْنَا مِنْ إِثْم , وَلَا نُسْأَل نَحْنُ عَمَّا تَعْمَلُونَ أَنْتُمْ مِنْ عَمَل ,

الذي أريد تفسيره هو لماذا وصف الله عمل السيئات بالنسبة لنا المسلمون بالإجرام. بينما وصفه بالنسبة للكفار بالعمل.

أرجو أن أكون قد أوصلت إليكم ما أواجهه من التباس.

وجزاكم الله كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالآية الكريمة بينت صورة من صور بلاغة القرآن، وذلك لأن من يناظر غيره إذا خطَّأه عند البداية سيغضب وينصرف عن المناظرة، فلا يصغي إلى الحق ويبقى مكابرا، وأما إذا بين له أن القصد من المناظرة هو البحث عن الصواب، وأن أحد الطرفين على خطأ، وينبغي الانتباه والتزام الحكمة في البحث عن الصواب، فإن ذلك سيدعوه إلى الإصغاء والانتباه. لذلك جاءت الآية التي قبل الآية المسؤول عنها تقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {سبأ ٢٤} . ثم يأمر تعالى نبيه في تعليمه مجادلة الكفار أن يضيف الإجرام إلى النفس ويقول في حقهم: وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ. تفاديا للإغضاب المانع من الفهم. يقول البيضاوي في تفسيره: هذا أدخل في الإنصاف وأبلغ في الإخبات، حيث أسند الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين.

والحاصل أن الذي ورد في الآية الكريمة من إسناد الإجرام إلى النفس والعمل إلى الغير وهو نوع من أدب المناظرة يحمل الخصم إلى مواصلة الحديث والبحث من خلاله عن الصواب، ويعترف بموجبه بأن هذا الشرع منصف.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠١ ذو القعدة ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>