للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تفسير (ولن ترضى عنك اليهود..)]

[السُّؤَالُ]

ـ[السلام عليكم ورحمته الله وبركاته

أريد تفسير هذه الآية: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) صدق الله العظيم؟ وشكراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيقول شيخ المفسرين الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه، ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، وليست اليهود، يا محمد، ولا النصارى براضية عنك أبداً، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق، فإن الذي تدعوهم إليه من ذلك لهو السبيل إلى الاجتماع فيه معك على الألفة والدين القيم، ولا سبيل لك إلى إرضائهم باتباع ملتهم، لأن اليهودية ضد النصرانية، والنصرانية ضد اليهودية، ولا تجتمع النصرانية واليهودية في شخص واحد، في حال واحدة، واليهود والنصارى لا تجتمع على الرضا بك، إلا أن تكون يهودياً نصرانياً، وذلك مما لا يكون منك أبداً، لأنك شخص واحد، ولن يجتمع فيك دينان متضادان في حال واحدة، وإذا لم يكن إلى اجتماعهما فيك في وقت واحد سبيل، لم يكن لك إلى إرضاء الفريقين سبيل، وإذا لم يكن لك إلى ذلك سبيل، فالزم هدى الله الذي لجميع الخلق إلى الألفة عليه سبيل، وأما الملة فإنها الدين، وجمعها الملل. انتهى.

وقال القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم المعنى: ليس غرضهم يا محمد بما يقترحون من الآيات أن يؤمنوا، بل لو أتيتهم بكل ما يسألون لم يرضوا عنك، وإنما يرضيهم ترك ما أنت عليه من الإسلام واتباعهم.

وقال البغوي رحمه الله: وذلك أنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمعونه في أنه إن أمهلهم اتبعوه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، معناه وإنك إن هادنتهم فلا يرضون بها، وإنما يطلبون ذلك تعللاً، ولا يرضون منك إلا باتباع ملتهم. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ رجب ١٤٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>