للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا اضطراب بين قوله تعالى:"عسى ربكم أن يرحمكم" وبين الوعد الإلهي بإذلال اليهود]

[السُّؤَالُ]

ـ[لم أجد تفسيرا وافيا للآية الكريمة في سورة الإسراء _ عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا _ يتوافق مع الوعد الإلهي بإذلال بني إسرائيل فيظهر من خلال النص القرآني أنه سيرحمهم بعدما يرسل عباده ليتبروا ما علو تتبيرا. أرجو البيان يرحمكم الله؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقوله تعالى: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا [الإسراء:٨] . وعد من الله عز وجل بإعادة العقوبة على بني إسرائيل إذا عادوا إلى الإفساد.

وقوله تعالى: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ [الإسراء:٨] . وعد من الله تعالى برحمة بني إسرائيل بعد ما حصل لهم في المرة الثانية المذكورة في الآية، وكان كما وعد الله عز وجل فإنه كثر عددهم وجعل منهم الملوك، ولكنهم عادوا إلى الإفساد بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم، فعاد الله عز وجل إلى إذلالهم كما وعدهم.

قال الإمام القرطبي رحمه الله: وقوله تعالى: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وهذا مما أخبروا به في كتابهم، وعسى وعد من الله أن يكشف عنهم، وعسى من الله واجبة، وجعل منهم الملوك، وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا قال قتادة: فعادوا فبعث الله عليهم محمدًا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون الجزية بالصغار.

وقال البيضاوي رحمه الله: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بعد المرة الآخرة، وَإِنْ عُدْتُمْ نوبة أخرى عُدْنَا مرة ثالثة إلى عقوبتكم، وقد عادوا بتكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فعاد الله بتسليطه عليهم فقتل قريظة، وأجلى بني النضير، وضرب الجزية على الباقين. انتهى

فتبين بهذا أن وعد الله عز وجل لهم بالرحمة إنما يتحقق إذا لم يفسدوا؟

وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم من أعظم الفساد، فلا يرحمون مع فسادهم هذا، ولكن قد يمهل الله عز وجل لهم ويستدرجهم بنوع من التمكين، كما جرت سنته سبحانه في الظالمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، واللفظ لـ البخاري.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٣ شوال ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>