للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شروط من يريد الاجتهاد في الأحكام الفقهية]

[السُّؤَالُ]

ـ[السؤال بإيجاز هو: هل يُسمح لغير العالم أن يجتهد في الأمور الفقهية وينال على ذلك الأجر والثواب أم لا؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية لا يجوز ولا يصح إلا من أهله وفي محله كما هو الحال في كل علم، قال ابن عاصم:

وكل علم فله مجتهد * عليه في تقريره يعتمد

وقد قال الله عز وجل: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَاّ قَلِيلاً {النساء:٨٣} .

فمن كان من أهل الاستنباط هو الذي ينال الأجر المذكور في الحديث الصحيح، ومن لم يكن من أهله كان عليه الإثم والوزر، لأن ذلك من القول على الله بغير علم وهو من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:٣٣}

فلا حظ في الاجتهاد في الشريعة واستنباط الأحكام منها إلا لأهل العلم بها، وبشرط أن يبلغوا رتبته كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتويين: ٣٤٤٦٢، ٤٧٨٥٨، وما أحيل عليه فيهما.

وكما بين ابن عاصم المالكي في مرتقى الأصول حيث قال:

الاجتهاد بذل وسع المجتهدْ * في النظر المبدي لما الشرع قصدْ

وما به التكليف شرط المجتهد * والفهم والحفظ وعلم ما اعتمد

أوله الكتاب والحفظ لهُ ... ... * أهم ما مِن علمه حصّله

لاسيما ما كان في الأحكام ... * ... فإنه أكمل في الإحكام

وليعرف الناسخ والمنسوخا * وما اقتضى في علمه رسوخا

والحفظ للحديث أولى ما اعتمد * وللأصول فهي للفقه عُمَد

وللمهم من لسان العرب ... * ... ... وللفروع فهي لب المطلب

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ صفر ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>