للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الاستصلاح عند الأصوليين]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو الاستصلاح (كدليل من أدلة الأحكام) ومن قال به من الأئمة وأرجو ذكر مثال على الاستصلاح؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالاستصلاح هو مايسميه بعض الأصوليين بالمصالح المرسلة، وقد ذكره جماعة من أهل الأصول في مباحث الاستدلال، ولهذا سماه بعضهم بالاستدلال والجواب، وأطلق إمام الحرمين وابن السمعاني عليه اسم الاستدلال. قال الخوارزمي: والمراد بالمصلحة: المحافظة على مقصود الشرع بدفع المفاسد عن الخلف. وقال الغزالي: هي أن يوجد معنى يشعر بالحكم مناسب عقلا ولا يوجد أصل متفق عليه. وقال ابن برهان: هي ما لا يستند إلى أصل كلي ولا جزئي، وقد اختلفوا في القول بهذا على مذاهب.. .. انتهى من (إرشاد الفحول ج ١ ص ٤٠٣) . يعني أن الوصف إذا لم يرد الدليل على اعتباره ولا على إلغائه، وهو مع ذلك فيه جلب مصلحة أودفع مفسدة، فذاك هو المسمى عند أهل الأصول بالمصالح المرسلة أو الاستصلاح.

وقد ذكره صاحب مراقي السعود في ألفيته ممثلا له، يقول:

والوصف حيث الاعتبار يجهل * فهو الاستصلاح قل والمرسل

نقبله لعمل الصحابة ... * كالنقط للمصحف والكتابة

تولية الصديق للفاروق ... * وهدم جـ ار مسجد للضيق

وعمل السكة تجديد الندا ... * والسجن تدوين الدواوين بدا

ويظن البعض أن القائل بهذا الأصل هو الإمام مالك وحده، ولكنه قد وردت فتاوى كثيرة عن أئمة المذاهب الأربعة وغيرهم، اعتبروا فيها العمل بالاستصلاح، قال الزركشي في كتابه " البحر المحيط " وهو في أصول الفقه الشافعي وهو يتحدث عن أقسام المصالح قال: القسم الثالث: ألا يعلم اعتباره ولا إلغاؤه، وهو الذي لا يشهد له أصل معين من أصول الشريعة بالاعتبار، وهو المسمى بـ " المصالح المرسلة " وسيأتي الكلام فيه، والمشهور اختصاص المالكية بها وليس كذلك، فإن العلماء في جميع المذاهب يكتفون بمطلق المناسبة، ولا معنى للمصلحة المرسلة إلا ذلك. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٢ ربيع الثاني ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>