للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[إيضاحات حول حمل المطلق على المقيد]

[السُّؤَالُ]

ـ[سلام عليكم يا شيخ الآن كما هو معلوم لديكم أن نحمل المطلق على المقيد ففي القرآن ورد حرمة الدم وفي أية حرمة الدم المسفوح فإذا يكون التحريم على الدم المسفوح لا غيره للقاعدة الأصولية بأن نحمل المطلق على المقيد وفق الحكم والسؤال هل لنا أن نعمل فقط بالمطلق ولا نقيده وإذا عملنا به فكيف نرد على من يقول هذا لا يجوز وذلك لأننا نحمل المطلق على المقيد ولا نعمل بالمطلق؟ وشكرا كثيرا.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحمل المطلق على المقيد هو واحد من الأصول المتبعة في استنباط الأحكام الشرعية، لكن منه ما كان محل اتفاق ومنه ما كان فيه اختلاف، وذلك على النحو التالي:

١- ... ... أن يتحد المطلق والمقيد في الحكم والسبب، فهذا يجب فيه حمل المطلق على المقيد، ومثال ذلك قوله تعالى: [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ] (النساء: ٤٤) .

وقال تعالى في سورة المائدة: [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ] (المائدة: ٦) ، فيجب هنا حمل المطلق على المقيد، وبمسح الوجه واليدين بالصعيد الطيب.

ومن هذا النوع الحكم المسؤول عنه، فيجب حمل الدم في الآيات الوارد فيها إطلاقه على ما ورد التقييد به في سورة الأنعام من قوله تعالى: [إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا] (الأنعام:١٤٥) .

٢- ... ... أن يختلف الحكم والسبب، نحو قوله تعالى: [وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا] (المائدة: ٣٨) مع قوله تعالى: [فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ] (المائدة: ٦) .

فالحكم مختلف، فهو قطع وغسل، والسبب مختلف فهو سرقة، وحصول حدث مع إرادة الصلاة، فلا يحمل المطلق على المقيد هنا.

٣ أن يختلف الحكم ويتحد السبب، مثاله قوله تعالى: [فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ] (المائدة: ٦) . مع قوله تعالى: [فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ] (المائدة: ٦) فالحكم مختلف، فهو غسل في الوضوء ومسح في التيمم، والسبب متحد، وهو الحدث وإرادة الصلاة، فالجمهور على أن المطلق في هذه الحالة لا يحمل على المقيد.

٤-أن يتحد الحكم ويختلف السبب، مثاله: قوله تعالى: [فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا] (المجادلة: ٣) . كما في كفارة الظهار، وقال في كفارة القتل: [فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ] (النساء: ٩٢) فالحكم متحد في الآيتين وهو التحرير، والسبب مختلف، فهو في الظهار إرادة العودة إلى الاستمتاع بالزوجة، وفي القتل خطأ، فهذه الصورة مختلف فيها، فالجمهور على حمل المطلق فيها على المقيد، وقال الأحناف: إنه لا يحمل، وعليه، فواجبنا أن نحمل المطلق على المقيد حيث اتفق الحكم والسبب وأن لا نحمله إذا اختلفا وإن اتفق أحدهما واختلف الآخر، فنعمل بما عليه الجمهور بعدم الحمل في اختلاف الحكم، وبالحمل في اتحاده.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٦ صفر ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>