للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[هل يؤخذ بكلام الأئمة الأربعة دون غيرهم]

[السُّؤَالُ]

ـ[الفقرة الأخيرة في الفتوى رقم ٩٧٩٦٠ مقتضبة وغير واضحة ((الخاصة بأن المذاهب الأربعة قيض الله تعالى لائمتها من حمل علمهم باستفاضة بينما لم يحدث ذلك لمن سواهم كالليث والأوزاعي والسفيانين)) ممكن يا شيخ توضحها لي عن طريق الإجابة على هذه الأسئلة:

١-هل معنى ذلك أنه يمكن الأخذ بأقوال أي فقيه مخالف للمذاهب الأربعة؟ مثلا إذا وجد رأي عند الأوزاعى أو الليث مخالف لأحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة هل يصح الأخذ به أم هذا مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة. هل عند أهل السنة والجماعة (الفرقة الناجية من الثلاث والسبعين) يجب عدم الخروج عن المذاهب الأربعة. مثلا ابن تيمية قال بوجوب الإشهاد في الطلاق وهو مخالف للمذاهب الأربعة لأنهم حملوا الآية على الاستحباب بينما يتفق مع قول الشيعة الإمامية البعض هنا يطالب بتغيير قانون الأحوال الشخصية حتى لا يتلاعب بعض الرجال في الطلاق يجب الإشهاد وأن القانون يجب أن يأخذ بقول ابن تيمية البعض رفض وقال رأي شاذ مخالف للمذاهب الأربعة لا يمكن الأخذ به ما هو الصح بالنسبة لأهل السنة؟

٢-هل المذاهب الأربعة إذا اتفقوا وخالف قولهم مثلا الليث لا يؤخذ برأيه لأنه خالف الإجماع الآية (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير.....) لو اتفقت المذاهب الأربعة على شيء وخالفهم قول أي فقيه يعتبر خروج عن الإجماع؟

٣-ابن تيمية قال إذا استيقظ شخص متأخرا والباقي من الوقت لا يسع الطهارة والصلاة يتيمم ويصلى وليس عليه إعادة الصلاة بينما المذاهب الأربعة تأخذ بالحديث إذا استغرق شخص في النوم عن صلاة فوقتها أول ما يستيقظ وبالتالي يجب الوضوء أو الغسل (إذا كان جنبا) قبل الصلاة حتى لو خرج الوقت هل إذا أخذ شخص برأي ابن تيمية يعتبر مرتدا لأنه مخالف للمذاهب الأربعة.

٤-أبو حنيفة صاحباه (محمد ويوسف) خالفاه في ثلثي المذهب هل عند أهل السنة والجماعة يجب الأخذ برأي أبي حنيفة ويترك صاحباه أم يصح الأخذ بقول محمد بن الحسن مثلا قال أبو حنيفة صاحب السلس إذا خرج وقت الصبح بطل الوضوء بينما إذا توضأ قبل الظهر ودخل الوقت لا يبطل بينما صاحبه قال العكس. هل عند أهل السنة القول المعتد هو قول أبي حنيفة نفسه ويرد قول صاحبه؟

٥-سورة الروم تكرر فيها كثيرا (ومن آياته ... ) هل هذه هي السبب في أن بعض الأشخاص الذين يتبعون بعض المذاهب يطلقون اسم آية الله فلان لأن الإنسان خلق الله ومن علامات خلق الله هل هذا صحيح عند أهل السنة؟]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

الذي يجب اتباعه هو الدليل من الكتاب والسنة وإجماع الأمة ونحو ذلك.. وآيات الله معجزاته وأدلة ربوبيته ووحدانيته وقدرته.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنك أردت أن تبني جميع أسئلتك على الفقرة الأخيرة من الفتوى التي أشرت إلى رقهما، والتي جاء فيها أن سبب اتشار المذاهب الأربعة المذكورة دون سواها هو أن الله تعالى قيض لأئمتها من حمل علمهم باستفاضة وتلقت الأمة ذلك بالقبول، ولم يحصل ذلك لمن سواهم ممن كان في عصرهم أو بعده من الأئمة كالليث والأوزاعي والسفيانين وغيرهم ... وهذه الفقرة كانت جوابا على فقرة من السؤال، وهي أن المذاهب الفقهية كثيرة وليست فقط مذاهب الأئمة: (مالك والشافعى وأحمد وأبي حنيفة) التي قدر لها الانتشار.

وأما هذه الأسئلة الكثيرة التي أردت تفريعها على هذه الفقرة من الإجابة فإننا سنجمل الكلام عليها في شيء واحد يشملها كلها، وهو أن الأصل هو اتباع الدليل من الكتاب والسنة، فما كان موافقا للدليل من أقوال العلماء هو الأولى في الأخذ به بغض النظر عن قائله، وهذا ما أوصى به الأئمة الأربعة وغيرهم.

وذلك لأن الواجب على المسلم هو طاعة الله جل وعلا وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والعلماء العاملين بالكتاب والسنة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ {النساء: ٥٩} .

وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب عليه التزام مذهب معين؛ لأن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم هذا الذي أردت أن تستنبطه من تكرر عبارة: (ومن آياته ... ) في سورة الروم فإنه ليس على ما تصورته، فالآية في اللغة هي العلامة، وآيات الله عجائبه وأدلة ربوبيته. جاء في اللسان لابن منظور: الآية: العلامة.. قال أبو بكر: سميت الآية من القرآن آية لأنها علامة لانقطاع كلام من كلام. ويقال: سميت الآية آية لأنها جماعة من حروف القرآن. وآيات الله: عجائبه. وقال ابن حمزة: الآية من القرآن كأنها العلامة التي يفضى منها إلى غيرها كأعلام الطريق المنصوبة للهداية كما قال: إذا مضى علم منها بدا علم والآية: العلامة..

وفي تفسير القرطبي: قوله تعالى: ومن آياته أن خلقكم من تراب. أي من علامات ربوبيته ووحدانيته أن خلقكم من تراب، أي خلق أباكم منه والفرع كالأصل ...

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٧ رمضان ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>