للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الرد على من قال: إن الله في كل مكان]

[السُّؤَالُ]

ـ[قال الرجل: إن الله معنا. كيف تفسرها وكيف يكون الله معنا؟

قلت له: إن الله معنا بقوته وبحفظه وقدرته وعلمه.. الخ..

فقال: هذا هو الكفر بعينه..

إن الله هو الله وهو ذاته يكون معنا ...

فلا تقل لا بكذا ولا بكذا ...

دار النقاش بيننا حتى قطعه جليسنا الآخر فما رأيكم؟ أفيدونا بارك الله فيكم ووفقكم لما فيه الخير]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وأجمع عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام أن الله تعالى استوى على عرشه، وعرشه فوق سمواته، بائن من خلقه وأن معنى قوله تعالى: (هو معهم أينما كانوا) [المجادلة:٧] أي بعلمه. وقد سبق بيان ذلك مفصلاً تحت الفتوى رقم ٦٧٠٧

والقول بأن الله تعالى بذاته معنا في كل مكان كفر صريح، قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: (من لم يقل إن الله فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى به أهل القبلة ولا أهل الذمة) .

وقال الباقلاني: (ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه، والحشوش، والمواضع التي يرغب عن ذكرها، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، وينقص بنقصانها إذا بطل منها ما كان، ولصح أن يُرغب إليه إلى نحو الأرض وإلى خلفنا وإلى يميننا وإلى شمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه وتخطئة قائله) .

وقد أورد الإمام أحمد رحمه الله في رده على الزنادقة والجهمية حجة عقلية لا سبيل إلى ردها، وحاصلها أن المخالف يقر بأن الله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، فلا يخلو من أن يقول:

١- خلق المكان في نفسه، فيكون حينئذ في كل مكان، وهذا كفر، لأنه يعني أنه أدخل الجن والوحش والقذر في نفسه.

٢- أو أن يقول: خلقه خارجاً عنه ثم دخل فيه، فصار في كل مكان، وهذا كفر، لأنه يعني أنه دخل في كل مكان قذر وخبيث، وفي نفوس الإنس والشياطين.

٣- أو أن يقول: خلقه خارجاً عنه ولم يدخل فيه، بل علا عليه سبحانه وتعالى، فهو فوق جميع مخلوقاته من أرض وسماء وكرسي وعرش وغير ذلك، وهذا هو الحق الذي دلت عليه النصوص.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ ربيع الثاني ١٤٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>