للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنقصا. ثم قدم على حي المرأة وهم خلوف، فسألها عن أبيها وأمها وأخيها ودفع إليها الهدية، فقالت أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيداً ويبعد قريباً، وأن أمي ذهبت تشق نفسين، وأن أخي يراعي الشمس، وأن سماءكم انشقت، وأن وعاءيكم نضبا.

فقدم الغلام عليه فأخبره، فقال: أما أبوها فإنه ذهب يحالف قوماً على قومه، وأما أمها فإنها ذهبت تقبل امرأة نفساء، وأما أخوها فإنه في سرح له يرعاه، وهو ينتظر وجوب الشمس ليروح؛ وأما قولها: إن سماءكم انشقت فإن الحلة التي بعثت إليها انقشت؛ وأما قولها: إن وعاءيكم نضبا فإن النحيين نقصا! فأصدقني فصدقه، فقال: أولى لك!

ثم ساق مائة من الإبل، وخرج نحوها ومعه الغلام، [فنزلا منزلا] ، فسقى الإبل فعجز، وأعانه امرؤ القيس فرماه الغلام في البئر، وفر حتى أتى المرأة بالإبل، وأخبرهم أنه زوجها! فقيل لها: قد جاء زوجك، فقالت: والله ما أدري أزوجي هو أم لا؟ ولكن انحروا له جزوراً، وأطعموه من كرشها وذنبها؛ فلما فعلوا ذلك أكل. فقالت: أسقوه لبناً حازراً فشرب؛ فقالت: افرشوا له عند الفرث والدم فنام. فلما أصبحت أرسلت إليه: إني أريد أن أسألك، قال: اسألي عما شئت؛ قالت: مم تختلج شفتاك؟ قال: لتقبيل فمك؛ قالت: مم تختلج كشحاك؟ قال: لالتزامي إياك؛ قالت: مم يختلج وركاك؟ قال: لتوركي إياك؛ قالت: عليكم العبد فشدوه! ففعلوا.

ومر قوم فاستخرجوا امرأ القيس من البئر، فرجع إلى حيه، واستاق مائة من الإبل، وأقبل إلى امرأته، فقيل لها: قد جاء زوجك؛ فأمرتهم أن يختبروه بما اختبروا به العبد، فقال لما أطعموه الكرش والذنب: أين الكبد والسنام والملحاء؟ وأبى أن يأكل؛ وقال لما سقوه اللبن الحازر: أين الصريف والرثيئة؟ وأبى أن يشرب؛ وقال لما فرشوا قريباً من الفرث والدم: افرشوا لي فوق التلعة الحمراء، واضربوا لي عليها خباء! ثم أرسلت إليه: هلم شريطتي عليك في المسائل، فقال: سلي عما بدا لك. قالت: مم تختلج شفتاك؟

<<  <   >  >>