للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فلما باع جميع ماله أخذ في الرحيل مع خواصه ومن نهض معه. قال: وكانوا يعمرون أعماراً طوالا، حتى إنه ليكون مع الرجل من صلبه عسكر جرار. وكان مع عمرو ثلاثة وعشرون رهطاً من أولاده وعقبهم. فسار عمرو مزيقيا حتى نزل على عك، وأرسل إليهم في الجوار، فجمعهم سيدهم وصاحب أمرهم للرأي، فقالوا له: ذلك إليك، غير أنه ما نزل قوم قط على قوم، فعرفوا وجوه أرضهم ووطئوها، إلا كانت لهم الغلبة عليهم. وقد قال يعرب: ويل للمنزول عليه من النازل! فمال الأمر بينهما إلى الحرب بعد العهد والمجاورة".

وبعث مزيقيا الرواد يرتادون له حيث ينزل من البلاد، فمات في عك قبل أن يرجع رواده، واستخلف على قومه ابنه ثعلبة العنقاء، وأمه ذات القرطين مارية بنت ظالم ابن معاوية الكندية. وآل الأمر إلى أن انهزمت الأزد أمام عك، ثم عطفوا عليهم لما اشتغلوا في الغنائم وكانت الدائرة لهم. ثم أحسن إليهم العنقاء بأن دفع إليهم أموالهم ورحل عن بلادهم، فقالوا: أيها الملك، أوحشنا قدومك وقد ساءتنا فرقتك، فما أحسن الفرقة قبل المعرفة، وأحسن الاجتماع بعد الفرقة!

ثم رحلوا عنهم، ثم مروا على نجران، وتحاربوا عليها مع مذحج فانهزمت مذحج، ثم تصالحوا. ومن هنا وقع الافتراق على ما نذكر من تاريخ الأزد: لحق بعمان والبحرين بنو نصر بن الأزد، فكان الملك فيهم في بيت عمرو بن الجلندي؛ ولحقت أزد شنوءة بالسراة المطلة على

<<  <   >  >>