للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرة آلاف دينار، ليوفيها عمن أعسر. وقيل له: هذا الذي تخرجه من الأموال ما تسمح نفس ببعضه. فقال: أنا فتحت الدكان بعد العصر، فاتركوني أفعل الخير. وفرق في العلماء والصلحاء، مائة ألف دينار. انتهى.

وعمر رباط الأخلاطية. ورباط الحريم. ومشهد عبد الله. وتربة عون ومعين. وتربة والدته. والمدرسة إلى جانبها. والرباط الذي يقابلها، كان دار والدته. ومسجد سوق السلطان. ورباط المرزبانية. ودور المضيف في جميع المحال. ودار ضيافة الحاج. وغرم على هذه الأماكن أموالاً جليلةً. ونقل إليها الكتب النفيسة بالخطوط المنسوبة، والمصاحف الشريفة.

وزر له عبد الله بن يونس وابن حديدة وابن القصاب، ثم يحيى بن زيادة، ثم القمي. وفتح خوزستان وتستر وتشتمل على أربعين قلعة وهمذان وإصبهان وحمل إليه خراجها وتكريت ودقوقا والحديثة. وكان جميل الصورة، ابيض مشرباً حمرة حلو الشمائل، شديد القوى. وحديثه مع الجاموس بحضرة والده مشهور.

ولد في المحرم سبعين وخمسمائة، وخطب له والده بولاية العهد على المنابر سنة خمس وثمانين، وعزله سنة إحدى وستمائة. وألزمه أن أشهد على نفسه بخلعه. ثم أعيدت له ولاية العهد سنة ثمان عشرة وستمائة.

ولما توفي والده الناصر سنة اثنتين وعشرين وستمائة، بويع بالخلافة، ولد من العمر اثنان وخمسون سنة إلا شهوراً. وصلى عليه بالتاج، وعمل العزاء ثلاثة أيام. ولما خلعه أبوه الناصر، اسقط ذكره من الخطبة على المنبر في سائر الآفاق، فسقطت، إلا خوارزم شاه.

قال قد صح عندي توليته ولم يثبت عندي موجب عزله. وجعل ذلك حجة لطروق العراق بالعساكر ليرد خطبته. وحبس الناصر ولده الظاهر في دار مبيضة الأرجاء، ليس فيها لون غير البياض. وكان حراسه يفتشون اللحم، خوفاً من أين يكون فيه شيء أخضر ينعش به نور بصره، فضعف بصره وكاد يذهب جملة، إلى أن تخيل ابن الناقد الذي صار وزيراً بعد ذلك فدخل عليه، ومعه سراويل اخضر وارى أنه يحتاج إلى المستراح، فدخل وترك السروال في المستراح. وفطن الظاهر لذلك. فدخل على أثره فوجده فلبسه. ولم يزل يتعلل به إلى أن تراجع ضوء بصره. رحمه الله تعالى.

<<  <   >  >>