للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو إذاً الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه، ومع هذا الشر المستطير، فإن إبليس [وسيلة إِلَى محابَّ كثيرةٍ للرب تَعَالَى] وإلى أمور محبوبة كثيرة، هي مراده لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى [ترتبت عَلَى خلقه، ووجودها أحبّ إليه من عدمها]

ثُمَّ ذكر المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بعضاً من الحكم في ذلك.

فقال رَحِمَهُ اللهُ:

[منها: أنه تظهر للعباد قدرة الرب تَعَالَى عَلَى خلق المتضادات المتقابلات، فخلق هذا الذات، التي هي أخبث الذوات وشرها، وهي سبب كل شر، في مقابلة ذات جبريل التي هي من أشرف الذوات وأطهرها وأزكاها، وهي مادة كل خير، فتبارك خالق هذا وهذا. كما ظهرت قدرته في خلق الليل والنهار، والدواء والداء، والحياة والموت، والحسن والقبيح، والخير والشر، وذلك من أدل دليل عَلَى كمال قدرته وعزته وملكه وسلطانه، فإنه خلق هذه المتضادات، وقابل بعضها ببعض، وجعلها محالّ تصرفه وتدبيره، فخلو الوجود عن بعضها بالكلية تعطيل لحكمته وكمال تصرفه وتدبير مملكته] اهـ.

الشرح:

إن هَؤُلاءِ القدرية الذين عطلوا حكمة الله، أو سألوا هذا السؤال: كيف يشاؤه وهو يكرهه، غافلون عن حكمة الله في خلق إبليس مثلاً، أو وجود الشر النافذ عنه.

إظهار قدرة الله على خلق المتضادات

من هذه الحكمة العظيمة قي وجود الشر أن يظهر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى للعباد قدرته عَلَى خلق المتضادات المتقابلات، فالكون كما ترون الآن فيه متضادات، خير وشر، وصلاح وفساد، وتوحيد وشرك، وسنة وبدعة، وطاعة ومعصية، وأولياء الله وأعداء الله، ومتقون وفجار، وهكذا.

جبريل مثال للخير وإبليس مثال للشر

<<  <   >  >>