للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمذهب الثامن يرى أن الإطلاق مشترك؛ فإذا قيل كلام الله، فإنه مشترك بين النفسي والحروف والأصوات بزعمهم، أما هذا فَيَقُولُ: كلامه هو ما خلقه في غيره لكنه يتضمن ما في نفسه، وليس عَلَى هذه الأقوال من دليل إلا الابتداع والظن واتباع الرأي، فيجهد الواحد منهم نفسه الليالي والأيام ليخرج برأي باطل، ولو أنهم اتبعوا الكتاب والسنة، وسألوا علماء الإسلام لما كَانَ نهاية فعلهم الوبال والضلال نسأل الله السلامة والعافية.

فهل سمعت أو قرأت لأحد ممن اشتغل بعلم السنة ولم يشتغل بقيل وقال، وإنما اشتغل بكلام الله وكلام رسوله، وكلام علماء السلف، مثل الإمامأَحْمد بن حَنْبَل ومالك والشَّافِعِيّ وأبي حنيفة والفضيل وعبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة وأمثال هَؤُلاءِ الأعلام، هل سمعت أحداً نشأ عَلَى كتبهم، وتربى عَلَى أقوالهم، وقرأ سيرهم وأحوالهم، شكى الاضطراب أو التناقض أو الحيرة، أو رجع عن ذلك -والعياذ بالله- إِلَى الفلسفة، أو إِلَى عكس ما كَانَ عليه؟ لا يوجد أبداً، وإنما يعيش الواحد منهم ويموت وهو مرتاح البال، مطمئن واثق من دين الله عَزَّ وَجَلَّ.

الثامن: أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات

قَالَ المُصْنِّفُ رحمة الله:

[وثامنُها: وهو أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات وهو قول أبي المعالي ومن تبعه]

أبو المعالي هو الذي تمنى عند موته أن يموت عَلَى عقيدة عجائز نيسابور، وكان من بلدة نيسابور.

صحيح أن عقيدة عجائز نيسابور خير، وأفضل من عقيدة أهل الكلام وأهل الحيرة والضلال والشك -عافانا الله وإياكم- من ذلك؛ لكن أليس هناك ما هو أفضل من دين العجائز، أو عقيدة العجائز؟

<<  <   >  >>