للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قُلْتُ: إِنَّكَ لَمُسْتَمِيتٌ! قَالَ: فَهَلْ إِلَى الْمَنِيَّةِ مِنْ سَبِيلٍ؟ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَرْفَجَةَ: فَوَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي مِنْ قَتْلِهِ إِلا الْإِبْقَاءُ عَلَى نَفْسِي

٣٢٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ مَوْلَى مَنْبُوذٍ، قَالَ: " عَزَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَنْ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ عَمْرٌو الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: كَيْفَ تَرَكْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ أَمِيرًا عَلَى عَمَلِهِ، جَاهِلا بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرِّ عُمَّالِكَ، قَالَ: شَتَمْتَنَا يَا عَمْرُ، قَالَ: إِنَّ الْمَعْزُولَ غَضْبَانُ وَلا أَحْسَبُنِي فَعَلْتُ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا عَلَيَّ فَاخْرُجْ حَتَّى تَعْذُرَنِي عِنْدَهُمْ.

فَخَرَجَ عَمْرٌو، فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الْعَصْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ إِلَى الْمِحْرَابِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ سَبَقَنِي فَرَأَى قَبْلِي، وَرَأَيْتُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ خَصَاصَةً إِلا أَلْصَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا رَأَيْتُ خَيْرًا قَطُّ إِلا عَمَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ، أَوَ كَذَاكَ ذَاكَ، وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرًا.

قَالَ: ثُمَّ وَلِيَكُمْ أَبُو بَكْرٍ، فَسَارَ بِسِيرَتِهِ، وَحَذَا حَذْوَهُ، وَسَلَكَ سَبيِلَهُ، وَشَمَّرَ فِي أَمْرِ اللَّهِ، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ، فِي خَلْقٍ ثَوِيبٍ، مَا لَهُ رِدَاءٌ، أَفَكَذَاكَ ذَاكَ، وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ، وَجَزَاهُ عَنِ الأُمَّةِ خَيْرًا.

قَالَ: ثُمَّ وَلِيَكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُ حَنْتَمَةَ، عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فَبَعَجَتْ لَهُ الأَرْضُ أَمْعَاءَهَا، وَفَلَذَتْ لَهُ كَبِدَهَا، وَنَكَتَتْ لَهُ مُخَّتَهَا، وَأَبْرَزَتْ لَهُ شَحْمَتَهَا، وَتَزَيَّنَتْ لَهُ بِزُخْرُفِهَا، وَأَمْطَرَتْ عَلَيْهِ جُودًا، وَوَلَدَتْ لَهُ تَمَامًا، فَدَرَّتْ لَهُ غَزْرًا، فَقَبَضَ مِنْهَا قَبْضًا، وَمَصَّ ثَدْيَهَا مَصًّا، وَمَشَى فِي ضَحْضَاحِهَا، وَتَنَكَّبَ غَمْرَتَهَا مُشَمِّرًا إِزَارَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا، وَمَا ابْتَلَّتْ قَدَمَاهُ، أَوَ كَذَاكَ ذَاكَ.

وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ، وَجَزَاهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرًا.

قَالَ: ثُمَّ وَلِيَكُمْ مِنْ بَعْدِهِ عُثْمَانُ، فَعَرَفْتُمْ وَأَنْكَرْتُمْ، وَقَالَ وَقُلْتُمْ، تَلُومُونَهُ وَيَعْذِرُ نَفْسَهُ.

قَالُوا: فَمَهْ؟ قَالَ: فَارْفِقُوا بِهِ، فَإِنَّ الْكَسِيرَ يُجْبَرُ، وَإِنَّ الْحَسِيرَ يَبْلُغُ، وَإِنَّ الْهَزِيلَ يَسْمِنُ.

أَقُولُ قُوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ.

قَالَ: فِقِيلَ لِعُثْمَانَ: مَا بَلَغَ مِنْكَ أَحَدٌ مَا بَلَغَ عَمْرٌو.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: يَا عَمْرُو، قَمِلَتْ فَرْوَتُكَ مُنْذُ عَزَلْنَاكَ عَنْ مِصَرَ.

<<  <   >  >>