للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٦ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: " لَمَّا فَرَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِيِ طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ ... وَكُلُّ الَّذِي دُونَ الْمَمَاتِ قَلِيلُ

وَإِنَّ افْتِقَادِي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ... دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ

"

١٠٧ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، عَن ابْنِ أَبِي مَخْنَفٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيسٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ صَبِيحَةَ جَاءَ نَعْيُ الأَشْتَرِ.

فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا، قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ الْبَوَاكِي، وَهَلْ يُوجَدُ مِثْلُ مَالِكٍ» .

قَالَ: فَمَا زَالَ يَتَلَهَّفُ عَلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ الْمُصَابُ بِهِ دُونَنَا

حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، لا يَحْجُبُنِي فِي خِلافَتِهِ.

قَالَ: فَأَتَيْتُهُ يَوْمًا، فَلَمَّا دَخَلْتُ دَارَهُ، قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ بَشَّرَنِي، وَهَنَّأَنِي.

فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ وَالتَّهْنِئَةُ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ مِنَ السِّنْدِ، وَقَدْ فَتَحَهَا اللَّهُ، وَهَذَا الْكِتَابُ مَعِي.

قَالَ: فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ، وَمَضَيْتُ أُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ.

فَوَثَبَ إِلَيَّ وَاثِبٌ مِنْ مَجْلِسِ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَهَنَّأَنِي وَبَشَّرَنِي.

فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ.

وَقَدْ فَتَحَهَا اللَّهُ لَكُمْ.

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُهَنِّيكَ النَّصْرُ وَالظَّفْرُ.

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقُلْتُ: هَذَانِ رَسُولانِ قَدْ أَتَيَاكَ بِفَتْحِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.

قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: يَا عَمُّ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَسْمَعُ الْعِلمَ وَلا نَأْخُذُهُ إِلا عَنْكُمْ، أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ حَدَّثْتُمُونَا: أَنَّهُ إِذَا أَتَى الْقَائِمَ مِنَّا فَتَحُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْبِثْ أَنْ يَمُوتَ.

قَالَ: فَأَذْكَرَنِي وَاللَّهِ حَدِيثًا قَدْ سَمِعْتُهُ وَعَلَّمْتُهُ لَكِنَّنِي أُنْسِيتُهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى قَوْلِهِ فَأَغُمَّهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي وَاللَّهِ لَو عَلِمْتُ ذَلِكَ حقًّا، مَا حَدَّثْتُكَ بِالْفَتْحِ، وَلا بَشَّرْتُكَ بِهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الأَحَادِيثِ بَاطِلٌ.

قَالَ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُنْكِرُ نَفْسِي.

قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى تَدَثَّرَ، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ دَخَلْتُ يَوْمًا، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَعْهَدَ.

فَقُلْتُ: وَفَّقَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

<<  <   >  >>