للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنفسه والعقل بفطرته وبديهته يعلم أن الموجودين إما أن يكون أحدهما داخل الآخر أو خارجه وإما أن يكون فوقه أو لا يكون فوقه وإما أن يكون محايثًا له مجامعًا له في حيزه بل مباينًا لحيزه وكل هذه العلوم مستقرة في الفطرة وقول القائل العقل لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما يكون متحيزًا أو إلى ما لا يكون ليس نظيرًا لذلك لا في اللفظ ولا في المعنى فلا يدفع ما علم من ذلك بالبديهة وحينئذ فلا حاجة إلى القياس والتمثيل ويعرف ذلك بالوجه الرابع وهو أن يقال قول القائل لا أعقل موجودًا خاليًا عن القدم والحدوث أو لا أعقل موجودًا لا داخل الموجود الآخر ولا خارجه ولا مباينًا له ولا محايثًا له ليس معناه أني لا أعلم ذلك ولا أعرفه أو أني أعجز عن عقله ومعرفته فإن كون الإنسان لا يعلم الشيء ويعقله أو لا يقدر على عقله وعلمه لا يدلُّ على عدمه ولا على امتناعه إذ في الموجودات التي لا يعلمها كثير من بني آدم ولا يقدرون على علمها ما لا يحصيه إلا الله وإنما مراد القائل بقوله هذا غير معقول أي لا يتصور أن يكون معقولاً ومعلومًا وجوده أي يمتنع أن يعقل وجوده أو يعلم وجوده وما امتنع العقل أو العلم بوجوده كان ممتنعًا في نفسه وهذا كقوله تعالى قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ [يونس ١٨] أي بما لا يكون فإنه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>