للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعدمه وأن هذه صفة المعدوم وكل أمرٍ منه الوجود واختص به المعدوم فوجودُ الرب أحق بمنعه والله أحق بالتنزيه عنه من غيره من الموجودات والله سبحانه ابعد عن كل ما ينافي الوجود ويمانعه ويعارضه ويختص بالمعدوم إذ وجوده هو الوجود الواجب الذي ينافي العدم من كل وجه فتبين أن هؤلاء لما رأوا نوع كمالٍ وغنىً يجب للمخلوقات علموا أن الخالق أحق به ولما رأوا نوع عدم يمتنع على الموجودات ويتنزَّه عنه علموا أن تنزيه الخالق أحق بذلك وهو عن ذلك أبعد وهذا من أحسن النظر والاعتبار العقلي الموافق للعقل الصريح وبهذا جاء كتاب الله في غير موضع فيما ضربه من القياس والمثال كقوله سبحانه حيث نفى عن نفسه الشريك والولد في مواضع مثل قوله في سورة النحل وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى [الآيات ٥٧-٦٠] وكقوله وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٧١) [النحل ٧١] وقوله تعالى ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>