للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يأكلون: يأخذون. الربا: الزيادة يتخطبّه: يصرعه ويضربه. المس: الجنون. يمحق: ينقص. يربي. يزيد. ما سلف: ما تقدم.

يعتمد الاسلام في بناء المجتمع مبادىء قيمة، أهمها في الجانب المادي من من الحياة مطالبةُ كل فرد من أفراد المجتمع بالعمل الذي يكفل له حاجته. لقد أشعرَ الاغنياء ان حق الانتفاع بهذا المال مشتركٌ بينهم وبين اخوانهم الفقراء. كما أوجب مدَّ يد المعونة الى الفقراء والمساكين والمحتاجين، إما بالبذل والعطاء أوبتهيئة العمل. كذلك أوجب على ذوي المال ان يدفعوا الى اولياء الأمر ما يمكنّهم من اقامة المصالح التي تحقق الخير للمجتمع.

على هذه الأسس التي تقتضيها الأُخوة والتعاون، وتبادل الشعور بين الافراد، امتلأ القرِآن بآيات الحث على الانفاق للفقراء والمساكين وفي سبيل الله وفي هذا الوضع الذي انتهجه الاسلام في بناء المجتمع، كان من غير المعقول ان يبيح للغني من أهله ان يستقل بمتعة ماله دون ان يمد يده على المحتاج من اخوانه والمواطنين في دولته.

واذا كان من غير المعقول في الاسلام ان يباح للغني ان يقبض يده عن معونة أخيه الفقير، فمن غير المعقول أشد ان يباح له استغلال أخيه وأخذ ماله بالربا وشد الخناق. لذلك عمد الإسلام إلى الاصلاح بتحريم الربا تحريماً قاطعا.

وقد جاء الاسلا م في وقتٍ فرغت قلوب الناس فيه من معاني الرحمة والتعاون، كانوا يأكل قويهم ضعيفهم، ويستغل غنيهم فقيرهم فأفرغ جهده في القضاء على منابع الشر، وازالمة الحواجز التي قطّعت ما بين الناس من صلات التراحم والتعاون، وأخذ يبني المجتمع بناءً واحداً متماسك الأطراف. وكان أول ما اتخذه من ذلك ايجاباً الحثُّ على التعاون والتراحم. ثم كان تحذيره الشديد فيما يخص الناحية السلبية، فحرَّم الربا والرشوة، بعد ان حرم الشحَّو والضن يحق الفقير والمسكين.

وربا الجاهلية الذي كان عليه الناس نوعان الأول: ربا النسيئة، وهو أن يقرض الرجل أخاه من المال لزمن محدود على ان يدفعه له مع زيادة معيننة. وقد نص القرآن على تحريمه، وجعل التعامل به من الكبائر. والنوع الثاني: ربا الفضل، وهو ان يبيع الرجل نوعا من السلعة بمثلها مع زيادة احد العوضَين على الآخر، كأن يبيع قنطارا من القمح بقنطار وربع أو نصف.

وهذا ايضا من الربا المنصوص على تحريمه في الحديث الشريف لقوله صلى الله عليه وسلم «ولا تبيعوا الذهب بالذهب، والورق بالورق، والبُرَّ بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح الا سواء بسواء، عينا بعين، يداً بيد» وقد اتفق الفقهاء على تحريمه، وأباحوا الزيادة اذا اختلف الجنس. وقد حرموا التأجيل في هذا الأصناف، واختلفوا في قياس غيرها عليها اختلافا كبيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>