للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتاها: عبدها قد شغفها حبا: شغاف قلبها، والشغاف: حجاب القلب الذي يغشّيه. وأعتدت لهن متكأ: وهيأت لهن مجلسا مريحا فاخرا. وأكبرنه: أعظمنه ودُهِشْنَ من جماله. وقطّعن ايديهنّ: جرحن أيديهن من فرط الدهش. حاش لله: تنزيها له استعصم: عفّ وامتنع عن المعصية. أصبُ اليهن: أمِلْ اليهن.

شاع نبأ حادثة امرأة العزيز وفتاها في ارجاء المدينة، ولاكته افواه النساء، وشرعن يَلُمْنها على فعلتها. وبلغ ذلك امرأة العزيز فأخذت تكيد لهن حتى يَعْذُرنها. وهكذا ارسلت الدعوة الى طائفة من نساء عليه الوقم، وأعدّت لهن مجلساً من الوسائد والنمارق وقدّمت اليهن طعاماً، وأعطت كلاً منهن سكّينا تقشر بها الفاكهة. وحين اتخذْن مجالسهم قالت ليوسف: اخرج عليهن. فلما رأينه بهرنّ جماله، وألهاهن عن تقطيع الطعام والفاكهة، وجرحن أيديهن من فرط الدهشة والذهول، واعلنَّ لذلك الجمال، حتى قلن «حاش الله، ما هذا بشراً إن هذا الا مَلَك كريم» .

حنيئذ باحت لهن امرأة العزيز بحبها ليوسف، وقالت: إن هذا التفى الذي بهركنّ حُسنه، هو الذي لمنَّني في شأنه، {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ} وحاولت إغراءه، لكنه امتنع وعف، {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} وان لم يقبل فانه سيُسجن ويكون من الاذلة المقهورين. ولما سمع يوسف هذا التهديد والوعيد قال: يا رب، السجنُ احبُّ الى نفسي مما يطلبنه مني، وان لم تُبعِدْ عنّي شرَّهن، أمِلْ الى موافقتِهن، وأقعْ في شباك مكرهنّ، «وأكنْ من الجاهلين» الذين تستخفُّهم الاهواء والشهوات.

فاستجاب له ربه، فصرف عنه شرّ مكرهن، انه هو السميع لدعاء من تضرّع اليه، العليم بصدق إيمانه.

{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ حتى حِينٍ} .

ولما فشت الفضحية في الناس، رأى العزيز ان يصدّع أمر زوجته ويسجنه، وبذلك كيفّ ألسنة الناس عنه وعن زوجته ويخلصُ من العار. كانت الدلائل كلها تشير الى براءة يوسف وعفته وطهارته، ولكن امرأة العزيز المتغطرسة أمرت بالسجن، وزوجها نفّذ ذلك.

قراءات:

قرأ ابو عمرو ونافع: «حاشا» بالالف. والباقون: «حاش» بدون الف.

<<  <  ج: ص:  >  >>