للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شهيداً، وليس له عقب، وهو من مسلمة الفتح؛ وله يقول الشاعر:

إذ فر صفوان وفر عكرمة ... ولحقنا بالسيوف المسلمة

وكان عكرمة خرج هارباً يوم الفتح، حتى استأمنت له زوجته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة؛ فأمنه؛ فأدركته باليمن، فردته إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلما رآه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام إليه فرحاً به، حتى اعتنقه، وقال: مرحباً بالمهاجر، وزعم بعض أهل العلم أن قيام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفرحه به كان أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في منامه أنه دخل الجنة؛ فرأى فيها عذقاً مذللاً، فأعجبه؛ فقال: " لمن هذا؟ " فقيل له: " لأبي جهل ". فشق ذلك عليه، وقال: " وما لأبي جهل والجنة؟ والله لا يدخلها أبداً! " فلما رأى عكرمة أتاه مسلماً، فرح به، وتأول ذلك العذق عكرمة. وهاجر إلى المدينة منصرفة من مكة بعد الفتح؛ فجعل عكرمة كلما مر بمجلس من مجالس الأنصار، قالوا: " هذا ابن أبي جهل! " وسبوا أبا جهل؛ فشكا ذلك عكرمة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات ".

ولما ندب أبو بكر الناس لغزو الروم، وقدم الناس، فعسكروا بالجرف، على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر الصديق يطوف في عسكرهم، ويقوي الضعيف منه؛ فبصر بخباء عظيم، حوله ترابط ثمانية أفرأس ورماح وعدة ظاهرة؛ فانتهى إلى الخباء؛ فإذا خباء عكرمة؛ فسلم عليه؛ فجزاه أبو بكر خيراً، وعرض عليه المعونة؛ فقال: " أنا غني عنها، معي ألفا دينار؛ فاصرف معونتك إلى غيري "، فدعا أبو بكر بخير، ثم استشهد عكرمة يوم أجنادين، ولم يترك ولداً؛ وأمه: أم مجالد، إحدى نساء بني هلال بن عامر.

<<  <   >  >>