للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا قول إلاّ ما رواه لسانه ... وأسمر عريان من القشر أضلع

نحيف السوى يعدو على أم راسه ... مطيعاً لباريه يصلي ويركع

وبالخمس يسعى ساجداً وهو قائم ... ويجني فيقوى عدوه حين يقطع

يمج ظلاماً في نهار لسانه ... وينطق وهو الأخرس المتصنع

يعبر عما في الضمير ولم يفه ... ويفهم عما قال ما ليس يسمع

ذباب حسام منه انجاز ضربه ... وكم قطع الأعدا وذا منه أقطع

وعود القنا أو هي شبا منه في العدا ... وأعصى لمولاه وذا منه أطوع

بكف جواد لو حكتها سحابة ... لسحت لنا تبراً يصاغ ويطبع

ولو حملت من بعض جدواه مزنة ... لما فاتها في الشرق والغرب موضع

فصيح متى ينطق تجد كل لفظة ... له تحتها معنى البلاغة أجمع

وإن خط لفظاً باليراع رايته ... أصول اليراعات التي تتفرع

يتيه دقيق الفكر في بعد غوره ... وعن نجد فحواه المفوّه يقطع

وبحر معانيه البليغ يغوصه ... ويغرق في تياره وهو مصقع

وليس لماء البحر ينشف قعره ... لنيل الدراري من بها يتطمع

ولا بحر جدواه كبحر يخوضه ... إلى حيث يفني الماء حوت وضفدع

أبحر يضر المعتفين وطعمه ... يصد عن الورد الشهيّ ويمنع

يموت به الصادي أواماً لأنه ... زعاف كبحر لا يضر وينفع

ألا أيها القيل المقيم بمكة ... ومسك ثناه في العوالم يسطع

حللت بها اسمي على كل مطنب ... وهمته فوق السماكين موضع

أليس عجيباً أن وصفك معجز ... له المتنبي ناظم ومرصع

وأن طويل المدح فيك مقصر ... وإن ظنوني في معاليك تطلع

وإنك في ثوب وصدرك فيكما ... يحيط به من نسج داود أدرع

فيا ليت شعري كيف ضمته لامة ... على أنه من ساحة البحر أوسع

وقلبك في الدنيا ولو دخلت بنا ... ويا لفلك الأعلى وما منه يطلع

وبالعالم العلوي والأنس جملة ... وبالجن فيه ما درت كيف ترجع

ألا كل سمح غيرك باطل ... لأنك فرد للكمالات تجمع

وكل ثناء فيك حق وإن علا ... وكل مديح في سواك مضيع

وقوله مصدراً ومعجزاً أبيات أبي حاتم اللغوي

إذا اشتملت على الياس القلوب ... وكادت من تلهبها تذوب

وعم الغم واتسع التجري ... وضاق بما به الصدر الرحيب

وأوطنت المكاره واطمأنت ... وفي الأحشاء طنبت الكروب

وأقلعت المسرة عن ذويها ... وأرسلت في مكامنها الخطوب

ولم تر لانكشاف الضر وجهاً ... يلوح ومنك قد يئس الحبيب

واعياً داء فادحة الرزايا ... ولا أغني بحيلته الطبيب

أتاك على قنوط منك غيث ... يفرج كل فادحة تذيب

فكم وافاك بعد العسر يسر ... يمن به اللطيف المستجيب

وكل الحادثات إذا تناهت ... وفي تصريفها حار اللبيب

وزاد الكرب فيها واستطالت ... فمقرون بها الفرج القريب

[الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الشاهد]

أحد أعيان الكتاب. الشاهد بفضله القلم والكتاب. صدح غريد أدبه على فنن يراعته. فأطرب الأسماع ببلاغته وبراعته. وكان في صبوته حليف دن وكاس. وأليف ندماء في حلبة اللهو غير انكاس. لا يفيق من نشوة أو خمار. ولا يقلع عن هوى ذي عمامة أو ذات خمار.

<<  <   >  >>