للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها أهيل مودتي وبتربها ... لجليل وجدي والسقام شفاء

ورعى ليالينا التي في ظلها ... سلفت ومقلة دهرنا عمياء

أترى الزمان يجود لي بإيابها ... ويتاج لي بعد البعاد لقاء

فإلى متى يا دهر تصدع بالنوى ... أعشار قلب ما لهن قواء

وتسومني فيك المقام بذلة ... ولهمتي عما تسوم اباء

فأجابني لولا التغرب ما ارتقى ... رتب المكارم قبلك الآباء

فاصبر على مر الخطوب فإنما ... من دون كل مسرة ضراء

واترك تذكرك الشأم فإنما ... دون الشام وأهلها بيداء

الشيخ نجيب الدين علي

بن محمد بن مكي الشامي العاملي

نجيب أعرق فضله وأنجب. وكماله في العلم معجب. وأدبه أعجب. سقى روض آدابه صيب البيان. فجنت منه أزهار الكلام أسماع الأعيان. فهو للاحسان داع ومجيب. وليس ذلك بعجيب من نجيب. وله مؤلفات أبان فيها عن طول باعه. واقتفائه لآثار الفضل واتباعه. وكان قد ساح في الأرض. وطوى منها الطول والعرض. فدخل الحجاز واليمن والهند والعجم والعراق. ونظم في ذلك رحلة أودعها من بديع نظمه ما رق وراق. وقد حذا فيها حذو الصادح والباغم. ورد حاسد فضله بحسن بيانها وهو راغم. وقفت عليها فرأيت الحسن عليها موقوفاً. واجتليت محاسن ألفاظها ومعانيها أنواعاً وصنوفاً. واصطفيت منها لهذا الكتاب. ما هو أرق من لطيف العتاب. فمنه قوله

علة شيبي قبل إبانه ... هجر حبيبي في المقال الصحيح

ويجعل العلة في هجره ... شيبي وفي ذلك دور صريح

وأنشد بعضهم في المعنى

مسألة الدور جرت ... بيني وبي من أحب

لولا مشيبي ما جفا ... لولا جفاء لم أشب

ومنها قوله وهو مما كتب به إلى أهله بالشام

تفصيل ما تدري به لا يحمل ... حملت نفسي فيك ما لم يحمل

يا بدر تم جل عن نقص فما ... تلقاه إلا باذلاً لا يأفل

نور الجبين وشعره من فوقه ... شمس ويغشى الشمس ليل اليل

مذ شام طرفي حسنه صفد القوى ... وحماه عنه وأين منه الوصل

سمحت له بالعين نفسي بعدهاودموعها منها دماء تهمل

أنا في هواك كما علمت وذلتي ... لجلال وجهك أمرها لا يجهل

ازداد فيك تعطفا وتذللاً ... وتزيد فيك قساوة وتدلل

وعدلت بي وعدلت عني ظالماً ... يا ليت عدلك كنت عنه تعدل

ومعرض عندي بذكر بثينة ... وهوى جميل ذكر هذا أجمل

دع ما تزخرفه ومل يا عاطفاً ... نحو الشفاعة لي فذلك أفضل

قول العواذل عندنا أهل الهوى ... في شرعنا مردودة لا يقبل

والنصح غش منهم وصوابهم ... خطاء يرى وخفيفهم مستثقل

لولا اشتغالي بادكار أحبة ... لقياهم عندي المهمّ الأول

ما كنت يوماً عن فناه بمعزل ... كلا ولم يك عنه آنا معدل

هم قيدوا منى الفؤاد واطلقوا ... جفني ولكن دمعه متسلسل

وحشاشتي كادت تذوب لبعدهم ... لكنها بوصالهم تتعلل

شط المرار بهم فعز لقاؤهم ... لكنهم بسواد قلبي نزّل

أقسمت لا ألوي لغير هواهم ... يوماً إلى أن يحتويني الجندل

هم علموني العشق حتى نالني ... من بعض ما لاقيت أمر مشكل

قد كنت أشكو أمر دهر سالف ... عمر مضى يا ليته مستقبل

تلخيص أشواقي بديع فنونه ... في شرح مختصر البيان مطول

أو هي القوى ذكرى أحبة مهجتي ... لا غادة حوت الجمال ومنزل

ورجائي في كرم المهيمن واسع ... ولقاهم منه دواماً أسأل

وعليهم مني سلام نشره ... ما العنبر الشحري أو ما المندل

وقوله يمدح السيد مبارك بن مطلب حاكم الحويزه

<<  <   >  >>