للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا ما لم ينسخ. إذن فقوله تعالى: ﴿يَامَرْيَمُ﴾ [آل عمران: ٣٧] هو خطاب لكل نساء المسلمين.

٢ - إنَّ كل ذات لها أركان وواجبات وسنن، والأركان هى التى لا توجد الذات إلا بها، والواجبات هى شيء هام للذات، لكن يمكن وجود الذات بدونها، والسنن هى كماليات للذات، فالأصل في الذات هو الركن؛ لأنه بوجوده توجد الذات، وبانعدامه تنعدم الذات؛ لذلك صحَّ شرعًا ولغةً إطلاق الجزء وإرادة الكل ما دام هذا الجزء ركنًا في الشيء، كقوله تعالى في كفارة اليمين: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩]، فالذى يحرر لا يحرر رقبة فقط، بل يحرر الجسد كله، ولكنه أطلق الرقبة التى هى جزء وأراد بها كل الجسد؛ لأنَّ الرقبة ركن في الجسد، ومثله عَنِ ابْنِ عُمَرَ Object قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ Object إِذَا طَافَ في الْحَجِّ أَوِ الْعمرَة أول مَا يَقْدَمُ سَعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمروة (١). أى أنه صلى ركعتين، فعبر عن الركعة بالسجدة، فأطلق الجزء وأراد الكل، إذن فقوله تعالى لمريم ولنساء المسلمين: اسجدي. أى صلي، فأطلق


(١) أخرجه البخاري (١٦١٦)، ومسلم (١٢٦١) من حديث ابن عمر مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>