للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد بدأ البخاري Object هذا الكتاب بآيتين كريمتين من كتاب الله Object:

الآية الأولى قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: ١١].

ذكر الله Object في الآية رفعه لصنفين من الناس، وهما: الذين آمنوا، والذين أوتوا العلم، وخص ربنا Object الإيتاء بالعلم، مما يدل على أنَّ العلم هبة وعطاء من الله Object، أما الإيمان فإنه لازم للنجاة، ولكل مسلم منه نصيب؛ لذلك قال Object: ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١].

• وفي قوله تعالى ﴿مِنْكُمْ﴾ احتمالان فقيل: إنها عائدة على المؤمنين جميعًا فيكون مَنِ ازداد علمًا وإيمانًا فهو المرتفع.

وقيل: إنها تعود على الصحابة بخصوصهم، والأول أولى.

• وخص الله Object: العلماء بذلك لأنهم ورثة الأنبياء، فإنَّ أشرف المنازل هي منازل الأنبياء، والمنزلة التي تليها هي منزلة ورثتهم من العلماء.

• وسمي العلماء ورثة الأنبياء لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ [فاطر: ٣٢].

• وأفضل من ورث هذا الميراث هم العلماء، ويدل على ذلك قولُ رَسُولِ اللَّهِ Object: «رَأَيْتُ كَأَنِّى أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ فَأَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «الْعِلْمَ» (١).

• والمراد هنا بيان فضيلة العلماء، وليس بيان فضيلة العلم بذاته فالله تعالى يرفع العلماء، وهذا الرفع يكون في الدنيا وفي الآخرة، فيكون في الدنيا بالبصيرة


(١) أخرجه البخاري (١/ ٢٥٥ ح ٨٣) ط التأصيل، ومسلم (٦/ ٢٣٤ ح ٢٤٦٩) ط التأصيل كلاهما من حديث ابن عمر Object.

<<  <   >  >>