للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من السماع، ويتحسَّر لذلك، وكثيراً ما كان يسلي نفسه بقوله: «والسماعُ رِزقٌ»، قال في ترجمة محمد بن أبي الرعد العكبري: «توفي ببغداد وأنا بها في صفر سنة أربع وتسعين، ولم يتفق لي سماع شيء عليه، مع أنِّي قصدته غير مرة، فلم أصل إليه لعارض مرض برح به وبلغ منه، وحضرت جنازته» (١)، وقال في ترجمة أبي طاهر ابن محمويه العبدي:

«وقد سألت أنا عنه لَمَّا دخلت البصرة أبا محمد جابر بن محمد بن جابر التميمي الحافظ في جمادى الأولى سنة خمس مائة، فقال: مات قبل وصولك بشهر» (٢)، وهؤلاء الشيوخ الذين أدركهم ولم يسمع منهم استدعى لنفسه منهم إجازات فأجازوه، وتولى أيضاً بعض محبِّيه أخذ الإجازة منهم له، فصنَّف فيهم كتاباً سمّاه: «الوجيز في ذكر المُجاز والمجيز».

وأمَّا شيوخه الذين أدركهم وسمع منهم فهم كثرة كاثرة، والكتاب الذي بين أيدينا نموذج لهؤلاء الشيوخ الذين سمع منهم، وسيأتي في دراسة الكتاب مبحث في ذكرهم وذكر عددهم وتراجمهم.

[المبحث السابع: تلاميذه]

وأمَّا تلاميذ السِّلفي، فهم أكثر من شيوخه، رجل بدأ في التدريس والإفادة منذ صغره، وأملى في رحلاته، وأخذ عنه الصغار والكبار، وألحق المتأخر بالمتقدم، والخلف بالسلف، حريٌّ بمن مثله أن يكون في تلاميذه كثرة، والآخذون عنه وفرة، بحيث لا يمكن حصرهم وتعدادهم، فقد تولى التدريس في أصبهان وعمره لم يتجاز العشرين، ورحل بعد ذلك إلى الشرق والغرب، وأملى مجالس كثيرة في ترحاله وتجواله، ثم لما استقر به المقام في الإسكندرية، وخاصة بعد وفاة شيخه ابن الحطاب وتوليه التدريس في العادلية (السِّلفية) عادت الإسكندرية دارَ حديث، وحضره الكبار والصغار،


(١) الوجيز (ص ٦٥)، وانظر أيضًا (ص ٦٨).
(٢) الوجيز (ص ٨٢)، وانظر أيضًا (ص ٤٩) وفيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>