للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوصول للحق وتطويل إجراءاته؛ لأن الذي ارتكب جرم المطل لن يتورع عن تأخير الوفاء عندما يعلم أنه لن يغرم غير الدين الذي عليه، وقد يزيد في المماطلة لتزيد التكاليف على الدائن.

الدليل الثاني: أن الأصل حرمة مال المسلم، والمطل ذنب لا يبيح ماله، فالتكاليف على طالب الحق ولا يحق له أن يأخذ شيئًا من المدين غير ماله (١).

نوقش: بأن هذا ليس من باب استباحة المال، بل المماطل معتد وهو الذي تسبب في إدخال غريمه في غرم، وعرض بإتلاف ماله بعدم انقياده إلى الحكم فتوجه عليه غرم ذلك (٢).

الترجيح: بعد عرض القولين الواردين في هذه المسألة، وأدلة كل قول، ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة، يظهر لي والله أعلم أن الراجح هو القول الأول، القائل بجواز إلزام المدين المماطل بدفع تكاليف الشكاية، ونفقات التحصيل؛ وذلك لقوة ما استدلوا به، ولضعف أدلة القول الثاني بما ورد عليه من مناقشة، وأن هذا القول مقتضى العدل؛ لأن المماطل هو الذي تسبب بتغريم الدائن هذه النفقات، ويشترط لهذا القول ألا يغرم المدين المماطل إلا ما يغرمه صاحب الدعوى من نفقات الشكاية على الوجه المعتاد والمعروف (٣)، ويكون الحكم فيها للقاضي؛ سدًا للتحايل على الربا.


(١) انظر: تبصرة الحكام، لابن فرحون ١/ ٣٧١
(٢) المرجع السابق
(٣) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية ٣٠/ ٢٤ - ٢٥

<<  <   >  >>