للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن التحلِّي بالأخلاق يُعتبر عبادةً أيضًا؛ فعن أبي ذر ? قال: قال رسول الله Object: «لا تَحقرنَّ من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق» (١).

ومثل ما أُمر به شرعًا ولم يُحدَّد على فعله جزاءً معينًا، ويعتبر القيام به عبادة إذا نُوي بها القربة لله ويؤجر عليها، إجابة دعوة المسلم، قال Object: «إذا دُعي أحدكم فَلْيُجِب، فإن كان صائمًا فَلْيُصَلِّ، وإن كان مُفطرًا فَلْيَطْعَم» (٢).

فمن كانت نيته في إجابة الدعوة امتثال أمر الرسول Object وإدخال السُّرور على أخيه المسلم كان فِعله عبادة، أمَّا مَنْ لم تكن له نية في إجابتها فلا يكون قد قام بعبادة.

وهذا ينطبق على كلِّ أمرٍ من شئون الحياة؛ من مأكلٍ ومشربٍ ومَنكحٍ، ونومٍ ويقظةٍ، وسَفرٍ وإقامة، وهكذا؛ فمَن نوى بكلِّ هذه وأمثالها وجه الله فهي عبادةٌ مأجورٌ عليها؛ فتتحول هذه العادات والملذات المباحات إلى طاعات وقربات؛ لذا قال Object: «وفي بُضع أحدكم صدقة». قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر» (٣).

فباستغناء العبد واستعفافه بالحلال عن الحرام كان له في فعل الحلال المباح أجر؛ ترغيبًا في الحلال، وتنفيرًا من الحرام؛ فلا رهبانية في الإسلام وكذلك لا تفريط بفعل المحرم، وهذه هي


(١) أخرجه مسلم رقم (٢٦٢٦) في البر والصلة.
(٢) أخرجه مسلم رقم (١١٥٠) في الصيام، وأبو داود (٢٤٦١) في الصوم، والترمذي (٧٨٠) في الصوم.
(٣) أخرجه مسلم (١٠٠٦) من حديث أبي ذر ?.

<<  <   >  >>