للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمل كبير تُصغِّره النية» (١).

أمَّا مَنْ لم ينوِ شيئًا فأعماله عادية لا أجر فيها؛ لذا تَبَايَنَ الناسُ في ذلك تباينًا عظيمًا، فمِن الناس مَنْ كلُّ عاداته وأفعاله عبادة لله؛ لأنه- دائمًا- مُستحضرٌ لِنِيَّتِه، قاصد بعمله وجه الله، بينما بعض الناس قد تكون كلُّ عباداته حتى (الشَّعائر الظَّاهرة) أو بعضها عادات، وذلك لخلوِّ قلبه مِنْ نِيَّة التقرُّب إلى الله Object.

الأمر الخامس: أن الأعمال تتفاوت في المرتبة والأفضلية:

فأعمال الطاعة تختلف محبة إلى الله وأجرًا، وكذلك المعاصي تتفاوت بغضًا إلى الله ووزرًا.

فالعبادات أنواع لها مميزات وخصائص تختلف بها عن غيرها؛ لمقاصد عظيمة؛ وحِكَم جليلة، تتجلى فيها عظمة هذه الشريعة، وكرم المُشَرِّع Object؛ وكما أنه سبحانه خلق المخلوقات وفَاضَلَ بينها بما يُحقق المصلحة العظيمة؛ قال تعالى: ﴿واللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾ [النحل: ٧١]- كذلك فَاضَلَ بين العبادات، وجعل مراتبها ودرجاتها مختلفة.

وقد وردت أدلة بَيِّنَّة في السنة النبوية تدل على تفاضل العبادات وتمايزها، ومن ذلك:

ما رواه معاذ بن جبل ? أن النبي Object قال له: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصَّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل». قال: ثم تلا ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾ [السجدة: ١٦]، حتى بلغ ﴿يعملون﴾ [السجدة: ١٧]. ثم


(١) أورده عنه الحافظ ابنُ رجب في «جامع العلوم والحكم» (ص ٦٩).

<<  <   >  >>