للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {أُولئِكَ} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {عَلى هُدىً:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والثابتة دليل عليها، وليست عينها. {مِنْ رَبِّهِمْ:} متعلقان بمحذوف صفة: {هُدىً} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها، أو هي في محل رفع خبر المبتدأ: ({الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ..}.) إلخ، وما عطف عليه، على وجه مرّ ذكره، ({أُولئِكَ}): مبتدأ مثل سابقه، {هُمُ:} ضمير فصل لا محل له. {الْمُفْلِحُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، هذا ويجوز اعتبار الضمير مبتدأ ثانيا و {الْمُفْلِحُونَ:} خبره، والجملة الاسمية هذه في محل رفع خبر المبتدأ الأول، وعلى الوجهين فالجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ:

معطوفة على سابقتها على الوجهين المعتبرين فيها.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦)}

الشرح: لمّا ذكر الله المؤمنين، وأحوالهم؛ ذكر الكافرين، ومآلهم، وتلك سنّة اقتضتها حكمة العليم الحكيم، ورحمته في كتابه الكريم؛ بأن لا يذكر التكذيب، والكافرين، والمنافقين؛ إلا ويذكر التصديق من المؤمنين، ولا يذكر الإيمان إلا ويذكر الكفر، ولا يذكر الجنّة، ونعيمها إلا ويذكر النّار وجحيمها، ولا يذكر الرحمة إلا ويذكر الغضب، والسخط؛ ليكون المؤمن راغبا راهبا، راجيا خائفا، وهذا ما يسمّى بالمقابلة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا والكفر: ضدّ الإيمان، وهو المراد في الآية، وقد يكون بمعنى: جحود النعمة، والإحسان، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في النساء في حديث الكسوف: «ورأيت النار، فلم أر منظرا كاليوم قطّ أفظع! ورأيت أكثر أهلها النّساء» قيل: بم يا رسول الله؟! قال: «بكفرهنّ» قيل:

أيكفرن بالله؟! قال: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنّ الدّهر كلّه، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قطّ!». أخرجه البخاري، وغيره. ويروى بأطول من هذا من رواية أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-، وأصل الكفر في كلام العرب: الستر، والتغطية، قال لبيد-رضي الله عنه-في معلّقته رقم [٤٢] في وصف بقرة وحشية: [الكامل]

يعلو طريقة متنها متواتر... في ليلة كفر النّجوم غمامها

وسمّي الزّارع: كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتّراب، قال تعالى في تشبيه حال الدنيا في سورة (الحديد) رقم [٢٠] {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ}. ويسمّى الليل:

كافرا؛ لأنه يستر كلّ شيء بظلمته. قال لبيد في معلقته رقم [٦٥]: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>