للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ:} قال ابن كيسان رحمه الله تعالى: يقال: ما على من لم يعلم أنّه مفسد من الذّم، إنّما يذمّ إذا علم: أنّه مفسد، ثم أفسد على علم. قال: ففيه جوابان: أحدهما أنهم كانوا يعملون الفساد سرّا، ويظهرون الصّلاح، وهم لا يشعرون أنّ أمرهم يظهر عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والوجه الآخر أن يكون فسادهم عندهم صلاحا، وهم لا يشعرون: أنّ ذلك فساد، وقد عصوا الله ورسوله في تركهم تبيين الحقّ واتّباعه، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَلا:} حرف تنبيه، واستفتاح يسترعى به انتباه المخاطب لما يأتي بعده من كلام، {إِنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء ضمير متصل في محل نصب اسمها. {هُمُ:}

ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {الْمُفْسِدُونَ} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ)، هذا ويجوز اعتبار: {هُمُ} ضمير فصل لا محل له من الإعراب، كما يجوز اعتباره توكيدا لاسم (إنّ) على المحل. فيكون {الْمُفْسِدُونَ} على هذين الاعتبارين خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنَّهُمْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. {وَلكِنْ:}

الواو: حرف عطف. ({لكِنْ}): حرف استدراك مهمل لا عمل له. {لا:} نافية. {يَشْعُرُونَ:} فعل وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، فهي في محل رفع مثلها، وقيل: بل معطوفة على جملة {إِنَّهُمْ..}. إلخ، والتقدير: ولكنهم لا يشعرون.

{وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ..}. إلخ: القائل لهم هم المؤمنون: {آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ} أي كإيمان الناس بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والجنّة، والنار، وغير ذلك مما أخبر المؤمنين به. وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر، وترك الزواجر.

{قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ:} يعنون-لعنهم الله-أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مثل: عمّار، وبلال، وصهيب، يقولون: أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة، وعلى طريقة واحدة؟! قال البيضاوي: وإنما سفّهوهم لاعتقادهم فساد رأيهم، أو لتحقير شأنهم، فإنّ أكثر المؤمنين كانوا فقراء، ومنهم موال، كصهيب، وبلال، أو للتجلّد، وعدم المبالاة بمن آمن منهم؛ إن فسر ({النّاسِ}) بعبد الله بن سلام، وأشياعه، وهذا القول من المنافقين إنّما كانوا يقولونه في خفاء، واستهزاء، فأطلع الله نبيه والمؤمنين على ذلك.

وقيل: إنّ السفه، ورقّة الحلوم، وفساد البصائر إنّما هي في حيزهم، وصفة لهم، وأخبر:

أنهم هم السّفهاء، ولكن لا يعلمون للرّين الّذي على قلوبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>