للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع المضرات، والآفات، واعتراف من العبد أيضا بأنّ الشيطان عدوّ مبين، ففي الاستعاذة لجوء إلى الله تعالى القادر على دفع وسوسة الشيطان الغويّ الفاجر، وأنّه لا يقدر على دفعه عن العبد إلا الله تعالى. انتهى.

تنبيه: أجمع العلماء على أن الاستعاذة ليست من القرآن، ولا آية منه، وقد أجمعوا على الجهر بها في أوّل القراءة في غير الصلاة، وفي الصلاة يسرّها في أول كلّ ركعة قبل الفاتحة عند الشّافعيّ، وعند أبي حنيفة يسرّها في أول الركعة الأولى فقط، وقد روى أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة. وخذ في فضل الاستعاذة ما يلي:

عن سليمان بن صرد-رضي الله عنه-قال: استبّ رجلان عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فجعل أحدهما يغضب، ويحمرّ وجهه، وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّي لأعلم كلمة لو قالها؛ لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم» فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال:

أتدري ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آنفا؟ قال: «إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم» فقال له الرجل: أمجنونا تراني؟! رواه البخاريّ، ومسلم. وروى مسلم أيضا عن عثمان بن أبي العاص الثقفي-رضي الله عنه-: أنه أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله! إنّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها عليّ! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته؛ فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا». قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. هذا وقد قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [٢٠٠]: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} وقال تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [٩٧ و ٩٨]: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} وقال تعالى في سورة (فصّلت) رقم [٣٦]: {وَإِمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

هذا وقالت طائفة من القرّاء: إن التعوّذ بعد القراءة، وأخذوا بظاهر النّص: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} رقم [٩٨] من سورة (النحل). والذي عليه الجمهور: أنّ الاستعاذة قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها، ومعنى الآية: إذا أردت القراءة، كقوله تعالى: {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا..}. إلخ؛ أي: إذا أردتم القيام، الآية رقم [٧] من سورة (المائدة).

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سافر، فأقبل عليه الليل؛ قال: «يا أرض ربّي وربّك الله، أعوذ بالله من شرّك، ومن شرّ ما خلق فيك، ومن شرّ ما يدبّ عليك، ومن أسد، ومن أسود، ومن الحيّة، والعقرب، ومن ساكن البلد، ووالد وما ولد!» رواه أبو داود.

الإعراب: (أعوذ): فعل مضارع، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنا» (بالله) متعلقان بالفعل قبلهما، هذا وإن علقتهما بمحذوف حال من الفاعل المستتر؛ فلا بأس به، ويكون

<<  <  ج: ص:  >  >>