للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرِهم بذواتِهم أو جاهِهِم أو حقِّهم: فلا يجوز، بل هو من البدعِ ووسائلِ الشِّرك (١).

س: ما حكم طالب المدد من شخص ميت بأن يقول: مدد يا فلان، وما الحكم في طلبه أيضًا من الأحياء الغير حاضرين لذلك الشخص الطالب للمدد؟

س: يقول الناس عند النوازل والشدائد: يا رسول الله، وغيره من الأولياء، ويذهبون إلى مقابر الصالحين في حالة المرض ويستغيثون بهم، ويقولون: إن الله يدفع البلاء بهم، نحن نستمدهم لكن نيتنا إلى الله، لأن المؤثر هو الله، هل هذا شرك أم لا، وهل يقال لهم: إنهم مشركون؟ والحال أنهم يصلون ويقرأون القرآن وغيره من العمل الصالح؟

ج: ما يفعله هؤلاء هو الشِّركُ الذي كان عليه أهلُ الجاهليَّةِ الأولى، فإنَّهم كانوا يدعون اللاتَ والعُزَّى ومناةَ وغيرَهم ويستغيثونَ بهم؛ تعظيمًا لهم، ورجاءَ أن يُقرِّبوهم إلى اللهِ ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}، ويقولون أيضًا: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}، وقد بيَّنَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الدُّعاءَ عبادة، وأنَّها لا تكونُ إلا لله، ونهى اللهُ تعالى عن دعاءِ غيرِه، فقال: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وعلى المسلمين أنْ يقولوا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}؛ في كلِّ ركعةٍ من صلواتِهم؛ إرشادًا لهم إلى أنَّ العبادةَ لا تكونُ إلا له، وأنَّ الاستعانةَ لا تكونُ إلا بهِ دونَ الأمواتِ من الأنبياءِ وسائرِ الصَّالحين، ولا يغُرَّنَّك مع ذلك كثرةُ صلاةِ هؤلاءِ وصيامِهم وقراءتِهم، فإنَّهم ممَّن ضلَّ سعيُهم في الحياةِ الدُّنيا وهم يحسبونَ أنَّهم يُحسنون صُنعًا؛ وذلك أنَّها لم تُبنَ على أساسِ التَّوحيدِ الخالص، فكانت هباءً منثورًا، والأدلَّةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ على شِركِهِم وإحباطِ عَمَلِهم كثيرة، فراجعْ في ذلك آياتِ القرآنِ، والسُّنَّةَ الصَّحيحةَ، وكُتُبَ أهلِ السُّنَّة، نسألُ اللهَ لنا ولكَ الهداية (٢).

س: يقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، ما حق من دعا الله بأسمائه الحسنى؟ أيتوسل بعشرة أسماء من أسمائه أو أكثرها أو يتوسل بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله؟

ج: دعاءُ اللهِ بأسمائِه الحُسنى، والتَّوسُّلُ إليه بها مشروع؛ لقولِه تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، ولما رواهُ الإمامُ أحمدُ من حديثِ ابنِ مسعودٍ قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا»، قال: فقيل: يا رسولَ الله، ألا نتعلَّمُها؟ فقال: «بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهًا»، وللدَّاعي أنْ يتوسَّلَ إلى اللهِ بأيِّ اسمٍ من أسمائِه الحُسنى التي سمَّى بها نفسَه، أو سمَّاهُ بها رسولُه -صلى الله عليه وسلم-، ولو اختارَ منها ما يُناسبُ مطلوبَه؛ كان أحسنَ، مثل: يا مغيثُ، أَغِثنِي، ويا رحمنُ، ارحمني، ربِّ اغفرْ لي وارحمنِي، إنَّك أنت التَّوابُ الرَّحيم (٣).

* * *


(١) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١/ ١٠٧).
(٢) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١/ ١٤٩).
(٣) «فتاوى اللجنة الدائمة» (١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>