للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر: «وذكر محمد بن إسحاق المؤاخاة فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لأصحابه بعد أن هاجر تآخوا أخوين أخوين» إلى أن قال: «وجعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل أخوين، وتعقبه ابن هشام بأن جعفرا كان يومئذ بالحبشة، وفي هذا نظر... ووجهها العماد بن كثير بأنه أرصده لأخوته حتى يقدم» (١).

الهجرة إلى الحبشة (٢):

اشتد البلاء على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في مكة، وجعل الكفار يحبسونهم ويعذبونهم، بالضرب والجوع والعطش، ورمضاء مكة والنار، ليفتنوهم عن دينهم، فمنهم من يفتتن من شدة البلاء وقلبه مطمئن بالإيمان، ومنهم من تصلب في دينه وعصمه الله منهم، فلقي جعفر وزوجه من أذى قريش ونكالها ما لا يعلمه إلا الله، ولكنهما صبرا على العذاب فهو ابتلاء من الله عز وجل وفتنة، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا... يُفْتَنُونَ... (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ... صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (٣)، وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يُبْتَلَى الرجل على حسب دينه فإن كان فى دينه صُلْبًا اشتد بَلَاؤُهُ وإن كان فى دينه رِقَّةٌ ابْتُلِىَ على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يَتْرُكَهُ يمشى على الأرض وما عليه خَطِيئَةٌ» (٤).


(١) فتح الباري (٧/ ٢٧١)، ونص كلام ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٢٢٧) بعد أن ذكر إشكالية كون جعفر في الحبشة عند المؤاخاة: اللهم إلا أن يقال إنه أرصد لإخوته إذا قدم حين يقدم.
(٢) هذه الفقرة وما بعدها من أسباب الهجرة إلى الحبشة مستفاد من كتاب السيرة النبوية للصلابي (١/ ٢٨٢ - ٢٨٦) بتصرف وزيادة.
(٣) سورة العنكبوت الآية «٢ - ٣».
(٤) أخرجه الترمذى (٤/ ٦٠١)، رقم (٢٣٩٨) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (٢/ ١٣٣٤)، رقم (٤٠٢٣)، وأحمد (١/ ١٧٢)، رقم (١٤٨١)، والطيالسى (ص ٢٩)، رقم (٢١٥)، والدارمى (٢/ ٤١٢، رقم ٢٧٨٣)، والحاكم (١/ ١٠٠)، رقم (١٢١)، وصححه ابن القيم في طريق الهجرتين (٢٢٦)، والزرقاني في مختصر المقاصد (١٠٢)، والألباني في صحيح الجامع (٩٩٣).

<<  <   >  >>